القراءات العشر، ومن الإنصاف أن نقول إن هذا الضبط بالأئمة السبعة لم يكن كافيا، ولا حاسما في تلك الفترة، فثمة أئمة كثير قرءوا وأقرءوا، واشتهر علمهم وفضلهم خلال هذه الفترة من عهد التابعين وتابعيهم، وسنأتي على بيان الأسباب التي حملت على ذلك خلال حديثنا عن منهج ابن مجاهد في الفصل التالي.
وأذكر لك فيما يلي أسماء القرّاء العشرة، وأمام كل قارئ منهم راويان له، نشرا قراءته بعده بين الناس. وهذا الاختيار هو الذي اختاره ابن مجاهد في القراءات السبع، ثم ابن الجزري في الثلاث التالية، وهو الذي نظم به الشاطبي (حرز الأماني)، وأكمله فيما بعد ابن الجزري بنظم (الدرّة البهية)، ثم استوفى ذلك كله في نظم واحد هو (طيبة النّشر)، وهو الذي يقرأ به سائر قرّاء العالم الإسلامي اليوم.
١ - قراءة نافع في المدينة:
وتنسب إلى نافع بن عبد الرحمن المدني (٧٠ - ١٦٩ هـ)، وهو أصبهاني الأصل، استقر في المدينة، وأخذ عن أعلام القرّاء فيها من التابعين أمثال: الزهري (١)، وعبد الرحمن بن القاسم (٢)، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج (٣).

الإسلامي، إليه يرجع الفضل في اعتبار القراءات العشر، إذ قام بجهد عظيم في إحصاء اسانيد القراءات الثلاث تتمة العشر، ثم أصدر منظومته الشهيرة (الدّرة المضية)، أضاف فيها القراءات الثلاثة (أبو جعفر ويعقوب وخلف)، وجرى فيها على نظم الشاطبي في حرز الأماني، ثم أعاد نظم القراءات العشر بمنظومة أخرى من بحر الرجز بعنوان (طيبة النشر في القراءات العشر).
من تصانيفه: النشر في القراءات العشر- التمهيد في التجويد- غاية النهاية في أسماء رجال القراءات والرواية، تذكرة العلماء في أصول الحديث.
(١) الزهري (٥٨ - ١٢٤ هـ): هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري، أبو بكر، محدّث، حافظ، فقيه، مؤرّخ، من أهل المدينة، نزل الشام، واستقرّ بها، له تصانيف في مغازي الرسول صلّى الله عليه وسلّم. انظر معجم المؤلفين ١٢/ ٢١.
(٢) عبد الرحمن بن القاسم (- ١٢٦ هـ): هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصّدّيق التيمي، القرشي، أبو محمد، من سادات أهل المدينة، فقها، وعلما، وديانة، وحفظا للحديث، وإتقانا، توفي في الشام. انظر الأعلام ج ٤.
(٣) ترجمته تأتي لاحقا.


الصفحة التالية
Icon