لا محصول لها غير أن تعمد إلى اسم فتجعله فاعلا لفعل أو مفعولا، أو تعمد إلى اسمين فتجعل أحدهما خبرا عن الآخر، أو تتبع الاسم اسما على أن يكون الثاني صفة للأول، أو تأكيدا له، أو بدلا منه، أو تجيء باسم بعد تمام كلامك على أن يكون صفة أو حالا أو تمييزا، أو تتوخّى في كلام هو لإثبات معنى، أن يصير نفيا أو استفهاما أو تمنّيا، فتدخل عليه الحروف الموضوعة لذلك، أو تريد في فعلين أن تجعل أحدهما شرطا في الآخر، فتجيء بهما بعد الحرف الموضوع لهذا المعنى، أو بعد اسم من الأسماء التي ضمّنت معنى ذلك الحرف. وعلى هذا القياس» (١).
هذه هي خلاصة ما يعنيه عبد القاهر بمسألة النظم. وفي وسع الدارس لكتابه أن يلاحظ كيف خرّج عليها، وناقش وانتقد من خلالها، جميع النقاط السابقة- وسواها- التي أنكر عبد القاهر أن تكون مناط الإعجاز.
ونسوق- فيما يلي- نقده أو تخريجه لمسألة الألفاظ أو الكلم المفردة، أولا من باب الشرح والتمثيل، وثانيا: لأنه أتبعه بشاهد قرآني جلّى من خلاله «النظم النحوي» الذي قعّده أو تحدث عنه في هذه الخلاصة.
يقول عبد القاهر: «إن الألفاظ لا تتفاضل من حيث هي ألفاظ مجرّدة، ولا من حيث هي كلم مفردة، وأن الفضيلة وخلافها، في ملاءمة معنى اللفظة المعنى التي تليها... » (٢).
«وهل قالوا: لفظة متمكنة ومقبولة، وفي خلافه: قلقة، ونابية، ومستكرهة، إلا وغرضهم أن يعبّروا بالتمكّن عن حسن الاتفاق بين هذه وتلك من جهة معناهما، وبالقلق والنّبوّ عن سوء التلاؤم... » (٣).

(١) دلائل الإعجاز ص ٥٥.
(٢) المصدر السابق ص ٤٦.
(٣) المصدر السابق ص ٤٥.


الصفحة التالية
Icon