«فكأنما الحق قذيفة خاطفة تصيب الباطل فتزهقه، وكأنما الرعب قذيفة سريعة تنفذ في القلوب لفورها، وكأنما العداوة والبغضاء مادة ثقيلة، تلقى بينهم فتبقى إلى يوم القيامة، وكأنما السكينة مادة مثبتة تنزل على رسول الله وعلى المؤمنين. وكأنما للذل جناح يخفض من الرحمة بالوالدين» (١).
٢ - التناسق الفني:
أما التناسق الفني فهو الذي يبلغ الذورة في تصوير القرآن... وفي بيان القرآن، فإننا نشير هنا إلى طرف من خطوطه العامة:
(أ) فهنالك التناسق الناشئ عن المقابلات الدقيقة بين الصور التي ترسمها التعبيرات «والتقابل: طريقة من طرق التصوير، وطريقة من طرق التلحين، كما يقول سيد قطب» من ذلك هاتان الصورتان اللتان يعرضهما لإماتة الأحياء، وإحياء الموتى في قوله تعالى: أَوَلَمْ يَهْدِ لَهُمْ كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْقُرُونِ يَمْشُونَ فِي مَساكِنِهِمْ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ أَفَلا يَسْمَعُونَ (٢٦) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَسُوقُ الْماءَ إِلَى الْأَرْضِ الْجُرُزِ فَنُخْرِجُ بِهِ زَرْعاً تَأْكُلُ مِنْهُ أَنْعامُهُمْ وَأَنْفُسُهُمْ أَفَلا يُبْصِرُونَ (٢٧) [سورة السجدة، الآيتان ٢٦ - ٢٧].
«ففي ومضة عين نقلهم من القرى المهلكة الداثرة بعد الحياة والعمران، إلى الأرض الممرعة بعد الموت والإجداب. هذه المقابلة تكاد تطّرد في صور النعيم والعذاب في الآخرة».
وهنالك أيضا المقابلة النفسية بين الكافرين والمؤمنين، والتقابل بين صورة حاضرة الآن، وأخرى ماضية في سابق العهد والأوان: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٤) [سورة النحل، الآية ٤].
وقال تعالى: وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣)