الشواهد التي توضح ما نقول، أورد لك من باب «إيقاع المناسبة» ذاك بعض الشواهد:
(أ) قال تعالى:* ما أَشْهَدْتُهُمْ خَلْقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنْفُسِهِمْ وَما كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً (٥١) [سورة الكهف، الآية ٥١]: والفواصل السابقة: «موعدا، أحدا، بدلا»... - قال ابن سيده: أي أعضادا، وإنما أفرد ليعدل رءوس الآي بالإفراد. والعضد: المعين.
ولا ننقض هذا القول بما في كلمة «أعضادا» من نبوّ وثقل؛ لأن هذا ليس هو موضوع الرد الأساسي؛ ولكن إذا كانت «عضدا» هي الأليق من هذه الجهة، ومن جهة الالتحام مع
سائر الفواصل... فإنها كذلك هي الأحكم من حيث المعنى؛ لأن المضلّين جميعا هم من الهوان والعجز في الموضع الذي يستغني الخلاق العليم عن معونتهم.. واحدهم في ذلك كجميعهم، وجميعهم كواحدهم.. ولهذا «العدول» - ولا أدري لم كان عدولا، ولم كان الجمع هو الأصل- أسباب وفوائد أخرى على كل حال.
(ب) وقال تعالى: قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناهُمْ سِرًّا وَعَلانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خِلالٌ (٣١) [سورة إبراهيم، الآية ٣١]:
والفواصل السابقة: «البوار، النار». قال الزركشي: «فإن المراد: «ولا خلّة» بدليل الآية الأخرى، لكن جمعه لأجل مناسبة رءوس الآي»!!
والآية الأخرى التي يشير إليها قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا بَيْعٌ فِيهِ وَلا خُلَّةٌ وَلا شَفاعَةٌ وَالْكافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٢٥٤) [سورة البقرة، الآية ٢٥٤].
ونحن ننفي أن يكون (المراد: ولا خلّة) بل المراد: ولا خلال!! لأن ورودها بصيغة المفرد في آية لا يعني ضرورة أن تأتي بهذه الصيغة في آية أخرى.. بل لعل