وقد ارتاب في صحة نسبة هذا الإنجيل إلى يوحنا الحواري بعض الفرق المسيحية القديمة في أواخر القرن الثاني الميلادي، وكثير من الباحثين في المسيحية من قدامى ومحدثين. ومن هؤلاء: العلماء الذين أشرفوا على تحرير المسائل المسيحية في دائرة المعارف البريطانية، فقد قالوا: «إنه لا مرية في أن مؤلف إنجيل يوحنا شخص آخر غير يوحنا بن زبدي الحواري المشهور» ومن هؤلاء العلماء المحدثين كذلك: مؤلفو دائرة المعارف الفرنسية المشهورة باسم:
«لاروس القرن العشرين» فقد ذكروا أنه «ينسب ليوحنا هذا: الإنجيل، وأربعة أسفار أخرى من العهد الجديد- ثلاث من الرسائل الكاثوليكية ورؤيا يوحنا- ولكن البحوث الحديثة في مسائل الأديان لا تسلّم بصحة هذه النسبة» (١).
ثالثا- النتائج والملاحظات:
١ - يدل هذا العرض الموجز على أن هذه الأناجيل لم تنزل على المسيح عيسى بن مريم- عليه السلام- ولم توح إليه.. وغني عن البيان أنه- عليه السلام- أوحي إليه بإنجيل واحد.. علما بأن مؤرخي النصرانية مجمعون على أن الأناجيل- في تاريخ المسيحية- كثرت كثرة عظيمة! وحين أرادت الكنيسة في أوائل القرن الرابع الميلادي أن تحافظ على الأناجيل الصحيحة أو الصادقة- في نظرها- اختارت هذه الأناجيل الأربعة من بين عشرات الأناجيل!
٢ - وليست هذه الأناجيل كذلك من «إملاء» المسيح، حتى تكون عند أصحابها بمنزلة السنّة عندنا نحن المسلمين- على سبيل المثال- بل هي أقرب ما تكون إلى سيرة المسيح وتاريخ حياته، كتبها بعض حواريّيه وسواهم على النحو الذي تذكّروه- بعد ثلاثين عاما من رفعه- عليه الصلاة والسلام- أو على النحو الذي سمعوه.. مع ما أشرنا إليه في حديثنا السابق عن هذه الأناجيل من أنواع

(١) الدكتور وافي، ص ٧٨ - ٧٩.


الصفحة التالية
Icon