اختلف العلماء في الحروف المقطعة في أوائل السور على قولين (١):
القول الأول: هذا علم مستور وسر محجوب استأثر الله به، وروي عن الصديق قوله: في كل كتاب سر، وسره في القرآن أوائل السور، وقال الشعبي:
إنها من المتشابه، نؤمن بظاهرها ونكل العلم فيها إلى الله عز وجل.
قال الرازي: وقد أنكر المتكلمون هذا القول وقالوا: لا يجوز أن يرد في كتاب الله ما لا يفهمه الخلق، لأن الله أمر بتدبره والاستنباط منه، وذلك لا يمكن إلا مع الإحاطة بمعناه.
القول الثاني: المراد منها معلوم، وذكروا ما يزيد عن عشرين وجها، ومن أهم هذه الأوجه ما يلي:
١ - كل حرف من هذه الأحرف مأخوذ من اسم من أسماء الله، فالألف من الله، واللام من لطيف.
٢ - هذه الأحرف تدل على القسم بأن هذا الكتاب لا ريب فيه، كالقسم بالضحى والليل والطور والفجر.
٣ - كل حرف يدل على معنى:
«الم» تفيد أنا الله أعلم.
«المص» تفيد أنا الله أفصل.
«الر» أنا الله أرى.
٤ - إنها أسماء للسور، ولتمييز بعضها عن بعض، وقال الرازي: هذا قول أكثر المتكلمين.
٥ - هذه الأحرف هي سر القرآن، ولا يعلم السر إلا الراسخون في العلم.
٦ - الغاية من هذه الأحرف صرف العرب عن اللغو إذا سمعوا القرآن، ودفعهم إلى التعجب من أسلوبه والإنصات له، لكي ترق قلوبهم إذا سمعوا القرآن.

(١) انظر البرهان، ج ١، ص ١٧٢ - ١٧٥.


الصفحة التالية
Icon