ترتيب السور:
تختلف السورة عن الآية، فالسورة تطلق على طائفة من الآيات المتصلة ذات بداية ونهاية، ووفق ترتيب محكم دقيق، وكلمة السورة مأخوذة من سور البناء المكون من قطع متلاحقة، أو من سور المدينة الذي يحيط بأبنيتها المجتمعة، أو من السوار لإحاطته بالساعد.
قال ابن جني: «إنما سميت سورة لارتفاع قدرها، لأنها كلام الله تعالى، وفيها معرفة الحلال والحرام، ومنه رجل سوار أي معربد، لأنه يعلو بفعله ويشتط، ويقال: أصلها من السورة وهي الوثبة».
قال الجعبري: «حد السورة قرآن يشتمل على آي ذوات فاتحة وخاتمة، وأقلها ثلاث آيات، فإن قيل: فما الحكمة في تقطيع القرآن سورا؟ قلت: هي الحكمة في تقطيع السور معدودات، لكل آية حد ومطلع، حتى تكون كل سورة بل كل آية فنا مستقلا وقرآنا معتبرا».
وقال الزمخشري: «الفوائد في تفصيل القرآن وتقطيعه سورا كثيرة، وكذلك أنزل الله التوراة والإنجيل والزبور، وما أوحاه إلى أنبيائه سورة، وبوب المصنفون في كتبهم أبوابا موشحة الصدور بالتراجم، منها أن الجنس إذا انطوت تحته أنواع وأصناف كان أحسن وأفخر من أن يكون بابا واحدا، ومنها أن القارئ إذا ختم سورة أو بابا من الكتاب ثم أخذ في آخر، كان أنشط له، وأبعث على التحصيل منه لو استمر على الكتاب بطوله».
واختلف العلماء في ترتيب السور هل هو توقيفي أو اجتهادي (١)، قال ابن فارس: «جمع القرآن على ضربين: أحدهما: تأليف السور كتقديم السبع الطوال وتعقيبها بالمئين، فهذا هو الذي تولته الصحابة، وأما الجمع الآخر وهو جمع الآيات في السور، فهو توقيفي تولاه النبي ﷺ كما أخبر به جبريل عن أمر ربه».
وقال أبو بكر بن الأنباري: «أنزل الله القرآن كله إلى سماء الدنيا ثم فرقه في