[البقرة: ١٨٤] وهذه الآية منسوخة بقوله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ [البقرة: ١٨٥].
وأورد ابن العربي الأقوال التي وردت في بيان هذه الآية، وأقوال الفقهاء في حكم الإطعام، فالصوم واجب على الصحيح المقيم، وثبت الإطعام على من لم يطق الصيام إذا فطر من كبر (١).
الآية الثالثة: قال تعالى: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ إلى قوله: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ [البقرة: ١٨٧]. وهذه الآية ناسخة للآية التي قبلها وهي قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة: ١٨٣]، ونقل ابن العربي عن المفسرين أن المراد بالآية نسخ ما كان عليه العمل لدى الأمم السابقة، من تحريم الوطء بعد النوم في ليلة الصيام، وكان صوم المسلمين في بداية الأمر كصوم الأمم السابقة، ثم نسخ هذا الحكم، وأصبح الوطء جائزا خلال الليل، وكان بعض الصحابة لا يصبر على الامتناع عن الوطء عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَخْتانُونَ أَنْفُسَكُمْ، فرخص الله لهم في هذا الأمر وأباح لهم ما كان محرما عليهم فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ (٢).
وهذه أمثلة من الآيات التي نسخ حكمها وبقيت تلاوتها، واعتمدنا في ذلك على ما كتبه ابن العربي المعافري في كتابه الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم، وهو كتاب قيم عرض فيه للنسخ في القرآن، وذكر الآيات المنسوخة في كل سورة في سور القرآن.
وتساءل السيوطي عن الحكم من نسخ الحكم وبقاء التلاوة، وأجاب من وجهين:
- أحدهما: أن القرآن كما يتلى ليعرف الحكم منه والعمل به فيتلى لكونه كلام الله فيثاب عليه، فتركت التلاوة لهذه الحكمة.
(٢) انظر الناسخ والمنسوخ في القرآن الكريم لابن العربي ج ٢، ص ٢٥.