قراءة القرآن بما يوافق القراءات المختلفة، وبما يستجيب لكل اللهجات العربية، وبما يوافق الأحرف السبعة.
ومن الطبيعي أن يتوقف بعض العلماء أمام النقط والشكل موقف التردد والهيبة، كشأن كل أمر جديد، وسرعان ما أدرك الجميع أهمية الضبط والتيسير في القراءة، لكيلا يقع لحن في النطق أو لبس في ضبط بعض الكلمات.
وتشير الروايات إلى أن التفكير في الأمر بدأ في عهد الخليفة الأموي عبد الملك بن مروان الذي خاف من أثر الاختلاط بين العرب والعجم على اللغة، فأمر الحجاج بن يوسف بأن يهتم بالأمر، ويقال بأن الحجاج أصلح الرسم القرآني في أحد عشر موضعا.
وتؤكد الروايات كما قال السيوطي في الإتقان أن (١):
«أول من فعل ذلك أبو الأسود الدؤلي بأمر عبد الملك بن مروان، وقيل:
الحسن البصري ويحيى بن يعمر، وقيل: نصر بن عاصم الليثي»
، ويبدو أن الحسن البصري كان دوره محصورا في مباركة هذا العمل وتأييده وتشجيعه، إذ لم يعرف له اهتمام بالنقط والشكل، وكان من الضروري أن ينال هذا العمل موافقة العلماء.
وهناك روايات تشير إلى أن بعض العلماء كانوا يكرهون النقط والشكل (٢)، وروى عن النخعي أنه كره نقط المصاحف، وروي مثل هذا عن ابن سيرين، وقال ابن مسعود: جردوا القرآن ولا تخلطوه بشيء، وقال مالك: «لا بأس بالنقط في المصاحف التي يتعلم فيها الغلمان، أما الأمهات فلا». وقال الحليمي (٣):
«تكره كتابة الأعشار والأخماس وأسماء السور وعدد الآيات فيه، أما النقط فيجوز، لأنه ليس له صورة فيتوهم لأجلها ما ليس بقرآن قرآنا، وإنما هي دلالات على هيئة المقروء، فلا يضر إثباتها لمن يحتاج إليها».

(١) انظر الإتقان، ج ٤، ص ١٦٠.
(٢) نفس المصدر، ص ١٦١.
(٣) هو أبو عبد الله حسين بن حسن الحليمي الجرجاني المتوفى سنة ٤٠٣ هـ.


الصفحة التالية
Icon