الرابع: من جهة المكان والأمور نزلت فيها كقوله تعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ [التوبة: ٣٧]. ويشترط لفهم الآية معرفة عادات الجاهلية.
الخامس: من جهة الشروط التي يصح بها الفعل أو يفسد، كشروط الصلاة والنكاح، وأكد الأصفهاني أن كل ما ذكره المفسرون عن المتشابه لا يخرج عن هذه التقاسيم..
وينقسم المتشابه من جهة أخرى إلى ضرب لا سبيل إلى الوقوف عليه كوقت الساعة، وضرب للإنسان سبيل إلى معرفته كالألفاظ الغريبة، وضرب متردد بين الأمرين، ويختص بمعرفته بعض الراسخين في العلم، ويخفى على غيرهم وهو المشار إليه بقوله صلى الله عليه وسلم: «اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل» (١).
وتساءل العلماء هل يمكن أن يكون في القرآن شيء لا تعلم الأمة تأويله، ونقل الزركشي هذا الخلاف بين المفسرين والمتكلمين، فالمفسرون أجازوا أن يكون في القرآن بعض ما لا يعلم تأويله إلا الله، وهذا ما أكده عدد من العلماء في تفسيرهم لمعنى المتشابه، وأن بعض المتشابه لا يعلم تأويله إلا الله، ونقل الراغب الأصفهاني عن المتكلمين أن كل القرآن يجب أن يكون معلوما، وإلا أدى ذلك إلى إبطال الانتفاع (٢).
آيات الصفات:
وأبرز ما وقع الاختلاف فيه في موضوع الآيات المتشابهة آيات الصفات، في قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ كُلُّ شَيْءٍ هالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ.
وذهب جمهور أهل السلف وأهل الحديث إلى الإيمان بما جاء في القرآن، وتفويض المعنى إلى الله، وعدم الخوض في تفسير هذه الآيات وتأويلها (٣)، وسئل مالك عن قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى فقال: «الكيف غير

(١) انظر الإتقان في علوم القرآن، ج ٣، ص ١١.
(٢) انظر البرهان للزركشي، ج ٢، ص ٤.
(٣) انظر الإتقان، ج ٣، ص ١٢.


الصفحة التالية
Icon