وكل ما صح عن النبي ﷺ من ذلك فقد وجب قبوله، ولم يسع أحدا من الأمة رده ولزم الإيمان به، وإن كله منزل من عند الله، إذ كل قراءة منها مع الأخرى بمنزلة الآية مع الآية يجب الإيمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعملا لا يجوز ترك موجب إحداهما لأجل الأخرى ظنا أن ذلك تعارض» (١).
وقال السيوطي في الإتقان:
وقد اشتد إنكار أئمة هذا الشأن على من ظن انحصار القراءات المشهورة في مثل ما في التيسير والشاطبية، وآخر من صرح بذلك الشيخ تقي الدين السبكي فقال في شرح المنهاج:
قال الأصحاب: «تجوز القراءة في الصلاة وغيرها بالقراءات السبع، ولا تجوز بالشاذة، وظاهر هذا يوهم أن غير السبع المشهور من الشواذ، وقد نقل البغوي الاتفاق على القراءة بقراءة يعقوب وأبي جعفر مع السبع المشهورة، وهذا القول هو الصواب» (٢).
وفصل السبكي ذلك بقوله:
واعلم أن الخارج عن السبع المشهورة على قسمين:
منه ما يخالف رسم المصحف، فهذا لا شك فيه أنه لا تجوز قراءته لا في الصلاة ولا في غيرها، ومنه ما لا يخالف رسم المصحف ولم تشتهر القراءة به، وإنما ورد من طريق غريب لا يعول عليها، وهذا يظهر المنع من القراءة به أيضا، ومنه ما اشتهر عند أئمة هذا الشأن القراءة به قديما وحديثا، فهذا لا وجه للمنع منه، ومن ذلك قراءة يعقوب وغيره» (٣).
والمعتمد في القراءات القرآنية النقل والتلقي والرواية، فما ثبت نقله وتلقيه

(١) انظر المصدر السابق، ص ٥١.
(٢) انظر الإتقان، ج ١، ص ٢٢٥
(٣) انظر نفس المصدر.


الصفحة التالية
Icon