عن إمام موثوق بقراءته وحفظه عن النبي ﷺ فهو قراءة صحيحة، ولقد تعددت القراءات لسببين:
السبب الأول: ثبوت نزول القرآن على سبعة أحرف، وهذا ثابت فيما رواه البخاري بسنده عن عمر بن الخطاب قوله: سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله ﷺ فاستمعت لقراءته، فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكدت أساوره في الصلاة، فتصبرت حتى سلم، فلببته بردائه، فقلت: من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ؟ قال: أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: كذبت، فإن رسول الله ﷺ قد أقرأنيها على غير ما قرأت، فانطلقت به أقوده إلى رسول الله ﷺ فقلت: إني سمعت هذا يقرأ بسورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرسله، اقرأ يا هشام» فقرأ عليه القراءة التي سمعته يقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت»، ثم قال: «اقرأ يا عمر»، فقرأت القراءة التي أقرأني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كذلك أنزلت، إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف، فاقرءوا ما تيسر منه».
السبب الثاني: رسم القرآن، وروعي في رسم القرآن أن يكون شاملا للأحرف السبع، وقد ناقش «ابن الجزري» في كتابه «النشر» هذا الموضوع وقال:
«وأما كون المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة فإن هذه مسألة كبيرة اختلف العلماء فيها، فذهب جماعات من الفقهاء والقراء والمتكلمين إلى أن المصاحف العثمانية مشتملة على جميع الأحرف السبعة، وبنوا على ذلك أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الحروف السبعة التي نزل القرآن بها» (١).
وأكد أن الرأي الذي عليه جماهير العلماء من السلف والخلف وأئمة المسلمين أن هذه المصاحف العثمانية مشتملة على ما يحتمله رسمها من الأحرف السبعة.

(١) معجم القراءات القرآنية للدكتور عبد العالم سالم مكرم، والدكتور أحمد مختار عمر ص ٤٣.


الصفحة التالية
Icon