وقال الشيخ محمد حسنين مخلوف في كتابه «عنوان البيان في علوم التبيان» في هذا الموضوع:
«إن هذا الاختلاف بين تلك المصاحف إنما هو اختلاف قراءات في لغة واحدة لا اختلاف لغات، قصد بإثباته إنفاذ ما وقع الإجماع عليه إلى أقطار بلاد المسلمين واشتهاره بينهم» (١).
وهذا يؤكد لنا أن المصاحف العثمانية اتسعت لجميع القراءات وجميع الروايات التي نقلت إلينا عن طريق أئمة القراء الذين اشتهروا بجودة الحفظ وعمق المعرفة بالقراءات صحيحة.
«والحاصل أن المصاحف العثمانية كتبت لتسع من القراءات ما يرسم بصور مختلفة إثباتا وحذفا وإبدالا، فكتبت في بعضها برواية، وفي بعضها برواية أخرى تقليلا للاختلافات في الجهة الواحدة بقدر الإمكان، فكما اقتصر على لغة واحدة في جميع المصاحف اقتصر على رسم رواية واحدة في كل مصحف، والمدار في القراءة على عدم الخروج عن رسم تلك المصاحف، ولذلك لا يخطر على أهل أي جهة أن يقرءوا بما يقتضيه رسم الجهة الأخرى» (٢).
وعلّل «ابن الجزري» تجريد المصاحف العثمانية من النقط والشكل ليحتملها ما صح نقله وثبتت تلاوته عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا الرأي يطرح علة جديدة لعدم النقض ويفسر عدم النقض لكي يستوعب المصحف القراءات القرآنية المتفقة مع الرسم.
مقاييس القراءة الصحيحة:
وضع الحافظ أبو بكر بن مجاهد البغدادي المتوفى سنة ٣٢٤ هـ معايير للقراءة الصحيحة، وكان ابن مجاهد شيخ القراء في بغداد وأبرز علماء عصره في القراءة، قال عنه ابن النديم في الفهرست:
(٢) انظر معجم القراءات القرآنية، ص ٥٠، نقلا عن تاريخ القرآن لمحمد طاهر الكردي ص ٧٩.