ثبتت عنهم لم يردها قياس عربية ولا فشو لغة، لأن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها» (١).
ولا يحتج البصريون بالقراءات إلا حينما تتفق مع أصولهم، ويرى الكوفيون أن القراءات يجب أن تشتق منها المقاييس النحوية لأن سندها الرواية، وهي أقوى في مجال الاستشهاد من الشعر، وهذا هو الأصل، إذ لا يتصور أن يتم الاستشهاد بالشعر وهو قول بشر، ولا يحتج بالقراءات في مجال النحو، وانتقد ابن حزم موقف البصريين في ذلك...
ولا شك أن هذا الخلاف بين القراء والنحويين أدى إلى نشاط لغوي كبير، وازدهرت بفضله حركة النقد والتخريج للقراءات، وقد أثرى هذا الخلاف المدارس النحوية، وعمق حوارها اللغوي...
المقياس الثاني: موافقة أحد المصاحف العثمانية ولو احتمالا:
وهذا المقياس يجعل المصاحف العثمانية هي الأساس في القراءات القرآنية، بحيث تتوافق القراءة الثابتة عن طريق النقل والرواية بما جاء في المصاحف العثمانية ولو احتمالا، لأن الرسم العثماني قد يخالف بعض القراءات، في زيادة حرف أو نقصانه أو إدغامه في حرف آخر، كما في قوله: «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ»، فقد كتبت بغير ألف في الرسم القرآني، وكذلك قوله: وأوصى، ووصّى.
وأكد ابن الجزري أن مخالف صريح الرسم في حرف مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك لا يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به ووردت مشهورة مستفاضة وفرق بين مخالفة الرسم في زيادة حرف زائد أو نقصانه وبين مخالفة الرسم بزيادة كلمة أو نقصانها، ولو كانت تلك الكلمة حرفا من حروف المعاني، فإن حكم ذلك الحرف كحكم زيادة أو نقصان كلمة، ولا تجوز مخالفة الرسم فيه.