الصحة، لأنه يشترط في الثبوت أن يصل إلى درجة الشهرة وتلقّي الأمة لهذه القراءة بالقبول، وهذا دليل على التواتر والقطعية...
والتشدد في المعايير المرتبطة بثبوت القرآن فضيلة لأنه يؤكد حجم العناية بكتاب الله، ويؤكد في نفس الوقت أن العلماء تشددوا أقوى ما يكون التشدد في قبول القراءات لئلا يقع أي التباس أو شبهة في قطعية القراءات القرآنية...
وهذا المنهج العلمي الذي نجد ملامحه واضحة في كتب القراءات لا يترك أي ثغرة في مجال إثبات قطعية القرآن، من حيث القراءة والأداء، وهو يتحدى كل المناهج العلمية من حيث الدقة، ويزيل كل شبهة، ولا يترك مجالا للشك أو التردد، وعلم علمي كهذا لا يمكن إلا أن يقع الاعتراف بعظمته والثقة بنتائجه والاطمئنان إلى سلامته.
ونقل الزركشي عن «مكي» قوله:
«والسبب في اشتهار هؤلاء السبعة دون غيرهم أن عثمان رضي الله عنه لما كتب المصاحف، ووجهها إلى الأمصار، وكان القراء في العصر الثاني والثالث كثيري العدد، فأراد الناس أن يقتصروا في العصر الرابع على ما وافق المصحف، فنظروا إلى إمام مشهور بالفقه والأمانة في النقل، وحسن الدين وكمال العلم قد طال عمره واشتهر أمره، وأجمع أهل مصر على عدالته، فأفردوا من كل مصر وجه إليه عثمان مصحفا إماما هذه صفة قراءته على مصحف ذلك المصر، فكان أبو عمر من أهل البصرة، وحمزة وعاصم من أهل الكوفة وسوادها، والكسائي من العراق، وابن كثير من أهل مكة، وابن عامر من أهل الشام، ونافع من أهل المدينة، كلهم ممن اشتهرت إمامتهم وطال عمرهم في الإقراء وارتحل الناس إليهم من البلدان» (١).
وعلّل الهروي في كتابه الكافي التفريق بين القراءات بقوله:
«ثم إن التمسك بقراءة سبعة فقط ليس له أثر ولا سنة، وإنما السنة أن تؤخذ