الذي لا مبرر له، وأحيانا يتم الإيجاز للتخفيف، كما في حذف حرف النداء في قوله تعالى: يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هذا وأحيانا يفيد الحذف معنى التحقير عند ما يراد تجاهل الأمر أو لرعاية الفاصلة في القرآن ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى.
ولا يتصور الحذف فيما يجب ذكره لإتمام الكلام، فالحذف في القرآن لا يمكن أن يؤدي إلى وجود خلل، فلا يحذف ما يجب ذكره كالفاعل ولا يحذف ما هو مختصر، ولا يتم الحذف في موطن التأكيد، ويجب تقدير المحذوف بما يناسبه من الألفاظ والمعاني ويكمله وهنا يقع الاجتهاد في تفسير معاني المحذوف، ويمكن أن يكون الحذف في بعض الأحيان لتوسيع دائرة الاجتهاد لمعرفة المحذوف أو لتعدد الاحتمالات الممكنة لإتمام المعاني وإكمالها، والحذف في جميع الأحوال مما تقتضيه اللغة وتدعو إليه، وهو أمر محبب إذا لم يؤد إلى نقص في المعنى، ويتحدد الحكم عليه بحسب أثره في النظم من حيث سلامة التعبير ووضوح المعنى.
وكما يبرز الإعجاز في الإيجاز كأسلوب دال على عظمة النص القرآني يبرز أحيانا في الإطناب المتمثل في زيادة بعض الكلمات أو الحروف للتأكيد والتوضيح، والتأكيد لا يقع إلا بالنسبة لما يحتاج إلى التأكيد، وهو موافق لما كان عليه كلام العرب من استعمال التأكيد وكانوا يعتبرون ذلك من الفصاحة ما دام دالا على معنى.
وفي مجال الرد على المنكرين لا بد من اللجوء إلى أدوات التأكيد وكلما اشتد الإنكار زادت الحاجة إلى قوة التأكيد كما في قوله تعالى: قالُوا رَبُّنا يَعْلَمُ إِنَّا إِلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ [يس: ١٦]، وقوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ [الحج: ١]، وقوله تعالى: وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ [يوسف: ٥٣].
واستعمل القرآن في هذه الآيات «أدوات التأكيد»، لتأكيد الرسالة في الآية الأولى بعد إنكار الكافرين لنبوة الرسل، وتأكيد الحساب بعد دعوتهم إلى التقوى، وتأكيد طبائع النفس الأمارة بالسوء بعد نفي ادعاء البراءة، وتستعمل