- رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ..
- وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجاهِلِينَ..
ودخل السجن.. ربما كان ذلك رحمة به.. لكي تتوقف المحنة التي صبت عليه من امرأة العزيز.. ما زال كيدها يلاحقه.. لن تتركه أبدا ينعم بالراحة..
وفي السجن برز يوسف.. أنضجته المحنة.. وعلمته ما لم يكن يعلم..
واشتهرت معجزته التي أكرمه الله بها، آتاه الله حكما وعلما وعلمه من تأويل الأحاديث، وأخذ يحدث أصحابه في السجن بما علمه الله من تأويل الأحاديث ويدعو بالحكمة والحجة إلى الإيمان بالله وإلى نبذ الشرك والكفر، داعيا إلى عبادة الله واتباع ملة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب..
ووقف بين صاحبيه في السجن يقول لهما:
يا صاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٣٩) ما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْماءً سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ [يوسف: ٣٩ - ٤٠].
ومكث يوسف في السجن بضع سنين، وكاد أن ينسى، تلك شريعة الظلم والطغيان، وكيف يمكن لعزيز مصر أن يذكر ذلك الشاب الذي تعلقت به زوجته، وتحدث الناس بشغفها فيه.. كان عليه أن يمكث في الظلام لكي يطمئن ذلك العزيز إلى وفاء زوجته.. لكي تنساه.. وينسى الناس ما تحدثت النسوة به..
ودخل معه السجن فتيان من فتيان العزيز اتهما بالتآمر عليه:
- قال أحدهما إني أراني أعصر خمرا..
- وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزا تأكل الطير منه..
قال يوسف وقد علمه الله تأويل الأحاديث.. وذلك بفضل ما ترك من ملة قوم لا يؤمنون بالله وهم بالآخرة هم كافرون، واتباعه ملة آبائه إبراهيم وإسحاق ويعقوب.


الصفحة التالية
Icon