- ائْتُونِي بِهِ أَسْتَخْلِصْهُ لِنَفْسِي..
ووقف يوسف أمام الملك عزيزا كريما رافع الرأس موفور الكرامة، قال له الملك:
إنك اليوم لدينا مكين أمين..
وأجابه يوسف بثقة:
- اجْعَلْنِي عَلى خَزائِنِ الْأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ..
وتسدل الستارة على هذا المشهد الرائع المعبر، ويبتدئ مشهد جديد، هو الأشد في التأثير وهو الأقوى في التعبير عن عظمة الحكمة الإلهية في القصة القرآنية، التي تشير في كل مشهد وفي كل موقف إلى تلك الحكمة، وتضع يدنا على عبر عظيمة الدلالة، لكي يتعلم جيل الخلف من جيل السلف، فالغد أمس يتجدد، والأمس غد يعاد، ويقف الإنسان أمام الأحداث مذهولا، لا يدري أن الدروس والعبر بين يديه، شاخصة حية..
ووقف يوسف بشموخ ورفعة بعد أن مكن الله له في الأرض يستقبل وفود المحتاجين من بلاد كنعان بعد أن أصابهم القحط وحل بهم الجوع يعطيهم الطعام والمال، ووقف إخوته أمامه، فعرفهم وهم له منكرون وقال لهم: ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ، فإن لم تأتوني به فلا كيل لكم عندي ولا تقربون.
ومن جديد.. وقع حوار لطيف بين الأب وأبنائه:
- يا أَبانا مُنِعَ مِنَّا الْكَيْلُ فَأَرْسِلْ مَعَنا أَخانا نَكْتَلْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ.
وأجابهم الأب بصوت هامس حزين، يدل على عمق الجرح العظيم ومدى تأثيره في نفسه.
- هَلْ آمَنُكُمْ عَلَيْهِ إِلَّا كَما أَمِنْتُكُمْ عَلى أَخِيهِ مِنْ قَبْلُ فَاللَّهُ خَيْرٌ حافِظاً وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ..
ولما رأوا بضاعتهم ردت إليهم صاحوا بفرح: