وقال الزركشي في إشارة إلى كتابه البرهان:
«ولما كانت علوم القرآن لا تنحصر، ومعانيه لا تستقصى، وجبت العناية بالقدر الممكن، ومما فات المتقدمين وضع كتاب يشتمل على أنواع علومه، كما وضع الناس ذلك بالنسبة إلى علم الحديث، فاستخرت الله تعالى- وله الحمد- في وضع كتاب في ذلك جامع لما تكلم الناس في فنونه، وخاضوا في نكته وعيونه، وضمنته من المعاني الأنيقة، والحكم الرشيقة ما يهز القلوب طربا، ويبهر العقول عجبا، ليكون مفتاحا لأبوابه، وعنوانا على كتابه، معينا للمفسر على حقائقه ومطلعا على بعض أسراره ودقائقه، والله المخلص والمعين، وعليه أتوكل وبه أستعين، وسميته البرهان في علوم القرآن» (١).
التفسير عند الزركشي:
ابتدأ الزركشي كتابه «البرهان» بمقدمة وفصلين:
الفصل الأول: عرّف فيه التفسير، وقال فيه: «التفسير علم يعرف به فهم كتاب الله المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، وبيان معانيه، واستخراج أحكامه وحكمه، واستمداد ذلك من علم اللغة والنحو والتصريف، وعلم البيان وأصول الفقه والقراءات، ويحتاج لمعرفة أسباب النزول والناسخ والمنسوخ» (٢).
وأكد في هذا الفصل أن من المعلوم أن الله تعالى خاطب خلقه بما يفهمونه، ولذلك أرسل كل رسول بلسان قومه، وأنزل كتابه على لغتهم، وإنما احتيج إلى التفسير والشرح لأمور ثلاثة (٣):
أحدها: كمال فضيلة المصنف، فإن المصنف لقوته العلمية يجمع المعاني الدقيقة في اللفظ الوجيز، فربما عسر فهم مراده، فقصد بالشرح ظهور تلك المعاني الخفية، ومن هنا كان شرح بعض الأئمة تصنيفه أدل على المراد من شرح غيره له.

(١) انظر البرهان في علوم القرآن، ج ١، ص ٩.
(٢) المصدر نفسه، ص ١٣.
(٣) المصدر نفسه، ص ١٤.


الصفحة التالية
Icon