٥ - السياق محور المشترك اللفظي:
السياق هو علاقة الكلمة التي وقع فيها المشترك اللّفظي مع ما قبلها وما بعدها من كلمات الجملة، وذلك لأن الكلمات ليست أجساما بلا أرواح، ولكنها حيّة متحرّكة تعطي إشعات معينة للكلمات التي وقع فيها الاشتراك، وهي المفتاح الذي يفتح المغلق منها أو المصباح الذي يهتدي بضوئه على تحديد معاني الكلمة المشتركة.
«ولهذا يصرّح» فيرث بأن المعنى لا ينكشف إلّا من خلال «تسييق» الوحدة اللّغوية، أي وضعها في سياقات مختلفة.
ومعظم الوحدات الدّلالية تقع في مجاورة وحدات أخر، وأنّ معاني هذه الوحدات لا يمكن وصفها أو تحديدها إلّا بملاحظة الوحدات الأخرى التي تقع مجاورة لها» (١) ومن الأمثلة الحيّة على قيمة السيّاق في تحديد المعنى ما يلي:
١ - قال أبو الطيب في رواية مسلسلة بدأها بأخبار محمد بن يحيي، وانتهى بها إلى الجرمازيّ، قال للخليل ثلاثة أبيات على قافية واحدة، يستوي لفظها ويختلف معناها:
يا ويح قلبي من دواعي الهوى* إذ رجل الجيران عند الغروب أتبعتهم طرفي وقد أزمعوا* ودمع عيني كفيض الغروب كانوا وفيهم طفلة حرّة* تفترّ عن مثل أقاحي الغروب فالغروب الأوّل: غروب الشمس، والثاني: جمع غرب، وهو الدّلو العظيمة المملوءة، والثّالث: جمع غرب، وهي الوهاد المنخفضة. (٢)
٢ - في كتاب: «مراتب النّحويين» لأبي الطيب اللّغوي:
(٢) المزهر: ٣٧٦١.