يؤذّن، ويقرأ بالناس في الصّلاة، فالتفت إليه الفرّاء، فقال له: اقرأ بفاتحة الكتاب نفسّرها، ثم نوفّي الكتاب كله، فقرأ الرجل، ويفسّر الفرّاء، فقال أبو العبّاس: لم يعمل أحد قبله مثله، ولا أحسب أن أحدا يزيد عليه» (١) وقد علق الأستاذ أحمد أمين على هذه الرواية بقوله:
«فهل نستطيع أن نفهم من هذا النّص أنّ الفراء أول من نعرّض لآية آية حسب ترتيب المصحف، وفسّرها على التتابع...
هذا هو الذي أميل إليه، وإن كانت عبارة ابن النديم ليست قاطعة في هذا» (٢)
٣ - التفسير اللغوي:
وإلى جانب التفسير في مجال الأحكام الشرعية، والرّوايات حول القصص القرآني كانت هناك حركة لغوية لتفسير القرآن وإعرابه.
فكما دوّنت علوم اللغة والنحو أثيرت مشكلات لغوية ونحوية في رحاب القرآن الكريم «فالنّحويون أخذوا القرآن الكريم مادة من موادهم لاشتقاق قواعدهم وتطبيقها فأعربوا القرآن إعرابا أعان على تفسيره.
واللغويون وضعوا الكتب في غريب القرآن كما فعل أبو عبيدة (ت ٢١٠ هـ) وكان لذلك دخل في إيضاح بعض الآيات...
والتعرّض للآيات التي ظاهرها التعارض كما فعل قطرب (ت ٢٠٦ هـ) مثل قوله تعالى: فَلا أَنْسابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلا يَتَساءَلُونَ (٣) مع قوله تعالى وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلى بَعْضٍ يَتَساءَلُونَ (٤)
(٢) ضحى الإسلام: ٢/ ١٤٠، ١٤١.
(٣) المؤمنون: ١٠١.
(٤) الصافات: ٢٧.