فما أن حانت منية رسول الله صلّى الله عليه وسلّم باكتمال وحي السماء حتى كتب القرآن كله بين يديه عليه الصلاة والسلام.
وجمع القرآن في هذه المرحلة كان كتابته في الصحف من غير ضم في مصحف واحد، وهذا هو معنى قول زيد: (قبض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ولم يكن القرآن جمع في شيء).
وبقيت هذه الصحف عند رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في بيته حتى انتقلت بعد وفاته إلى بكر رضي الله عنه.
ومما يذكر في حرص رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على ضبط نص القرآن الكريم، أنه منع في هذه المرحلة المبكرة من كتابة غير القرآن، فقال: «لا تكتبوا عني شيئا سوى القرآن فمن كتب عني شيئا سوى القرآن فليمحه».
٣ - تنافس الصحابة في حفظ القرآن، حتى حفظه كثير منهم في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكان من حفاظه: زيد وأبيّ وابن مسعود وسالم وغيرهم كثير.
(ر- حفاظ الصحابة).
٤ - وكان الصحابة يعرضون ما حفظوه على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكان عرضهم هذا توثيقا وضبطا لنص القرآن الكريم.
عن ابن مسعود قال: قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «اقرأ عليّ»، قلت: أقرأ عليك وعليك أنزل، قال: «اقرأ فإني أحب أن أسمعه من غيري»، فقرأ عليه ما تيسر من سورة النساء.
٥ - وكان جبريل يعارض النبي صلّى الله عليه وسلّم بالقرآن كل عام في رمضان يدارسه القرآن، يعرض رسول الله صلّى الله عليه وسلّم على جبريل، ويعرض جبريل على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وكان أن عارضه في العام الذي قبض فيه مرتين.
* هذا هو كتاب الله المحفوظ من الله تعالى، يعنى به الرسول صلّى الله عليه وسلّم والصحابة عناية فائقة، درءا لكل شبهة، وقطعا لكل ريبة، فسبحان من قال: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ [الحجر: ٩].
٢ - الجمع البكري للقرآن الكريم
: قبض النبي عليه الصلاة والسلام والصحف التي كتبت بين يديه لم تجمع بين دفتين، وإن كانت حاوية لكل ما نزل عليه من القرآن الكريم.
وكان أن ارتدت بعض قبائل العرب عن الإسلام بعد وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقام أبو بكر والمسلمون بقتال المرتدين مما أسفر عن قتل قريب من خمسمائة قارئ من قرّاء القرآن، فخاف عمر وأبو بكر على القرآن، فكان هذا الخوف سببا في الجمع البكري للقرآن، فانتدب أبو بكر لجمع القرآن أحد كتبة الوحي الحافظين الجامعين للقرآن في عهد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ألا وهو زيد بن ثابت الذي اختاره الصديق