والثقة فيه. وقل مثل هذا فى إخباره عن إبليس والشياطين وعن الجن، وعن الأنبياء ومعجزاتهم، وعن الأعداء وهلاكهم، وعن تسبيح كل من فى الكون لله وسجودهم
له، وعن الجنة ونعيمها، وعن النار وعذابها.. وغير ذلك..
وإذا تضمنت نصوص القرآن حكما أو تشريعا، فلا بدّ من التصديق به والتسليم له، فالخمر ولحم الخنزير والربا والنظرة المحرمة والزنا، والكذب والغدر، وموالاة الأعداء ونصرتهم، ومصالحتهم والجبن والذل أمامهم، وإيذاء أولياء الله واضطهادهم. كل هذه محرمات فى دين الله، لما فيها من إفساد وتخريب وفوضى ودمار..
وإذا قرر القرآن أمرا، أو تضمن من الله حكما أو وعدا، أو عرض سنّة أو حقيقة، ثم رأى القارئ أن الواقع الذى يعيشه، والأمر الذى يشاهده يتعارض مع ما قرره القرآن، ويتناقض معه، ويتخلف عنه.. فلا تضعف ثقته المطلقة بالنص القرآنى، ولا يتزعزع تصديقه به وتسليمه له، ولا يقبل على هذا النص بالتحريف والتعطيل والتأويل، فلا يجعل ما يراه من مخالفة هو الأصل، وما يوحى به القرآن هو التابع له، الذى يجب أن يخضع له، وأن يؤوّل ليوافقه..
إن النص القرآنى هو الأساس والقاعدة والأصل، وإن الواقع هو التابع له، فإذا ما تعارضا فى ظاهر الأمر، فلا بدّ أن فى الأمر شيئا، ولا بدّ أن الشروط والمواصفات التى قررها القرآن لم تتحقق، والأسباب التى أشار إليها لم توجد.. فلو وجدت الأسباب كاملة وتحققت الشروط وافية، فلا بد أن نرى الواقع متطابقا مع النص.. فلا بدّ إذن من إخضاع الواقع المخالف لتقريرات القرآن وحقائقه..