- ٩ - معايشة إيحاءات النص وظلاله ولطائفه
لنصوص القرآن إيحاءات خاصة، ودلالات صائبة، وظلال لطيفة وارفة، ولطائف غالية نافعة، وتقوم هذه النصوص بإطلاق هذه الايحاءات وإلقاء هذه الظلال، والدعوة إلى تلك اللطائف، ولكن لا يفهم عليها كل من نظر فى القرآن أو قرأ فيه، لأن الجميع لا يملكون المؤهلات لإدراكها، والمفاتيح للتعامل معها. إن هذا يحتاج إلى قارئ حى بصير، يتبوأ الإيمان أولا، ثم يتفاعل مع القرآن بكل كيانه، ثم يفهم عنه ما يوحى به من إيحاءات، ويتفيأ ما يلقيه من ظلال، ويعيش حياة هانئة مباركة فى هذه «الظلال» القرآنية الوارفة، حياة ترفع عمره وتباركه وتزكيه.
بماذا توحى للقارئ البصير آخر آية نزلت فى كتاب الله- كما رجح جمهور العلماء- وهى قوله تعالى: وَاتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (٢٨١) [البقرة: ٢٨١]. إنها تشير إلى عدة مجالات، وتوحى بعدة إيحاءات، ويمكن أن تستنبط منها عدة دلالات:
إن موضوعها عقيدى، حيث تربط المؤمنين بالله وتطالبهم بتقواه، وتوقظ فيهم مراقبته، والنظر فى يوم القيامة وخشيته والخوف منه، وتقرر قاعدة الجزاء فى ذلك اليوم وكونه على ما كسب الإنسان فى الدنيا، وتنفى الظلم عن الله، وهذه كلها من موضوعات العقيدة وقضاياها وجزئياتها..