أَحَداً (٢) [الجن: ١، ٢]، من قال به صدق، ومن عمل به أجر، ومن حكم به عدل، ومن دعا إليه هدى إلى صراط مستقيم.. ».
وهو فعلا لا تشبع منه العلماء، ولا تنقضى عجائبه.. فالعلماء على كثرتهم وتعدد ثقافاتهم ومدارسهم، أقبلوا عليه وأخذوا منه الكثير، ولم يشبعوا ولم يستقصوا. فكم سجلوا من معانيه، واستخرجوا من كنوزه، ومع ذلك بقى يعطى ويعطى، ويدعو الراغبين إليه، ليقفوا على ما لم يقف عليه السابقون، ويضيفوا إلى ما لاحظه أولئك وسجلوه.
وإن المؤمن عند ما يحسن تدبر القرآن والتعامل معه، يقف على زاد عظيم من معانيه ودلالاته وإيحاءاته. فإذا قارن هذا بما سجله السابقون، سيجد فيه إضافات وإضافات، وعند ما سيصحح مثلا خاطئا، أطلقه بعض الذين أرادوا إغلاق باب تدبر القرآن والحياة معه، فقالوا: «ما ترك الأول للآخر!!» سيصححه- بتحوير يسير فيه وتبديل كلمة بكلمة- فيقول: «كم ترك الأول للآخر» وكم هنا هى التكثيرية لا الاستفهامية! إن باب التفسير لا يمكن أن يغلق، وإن مدد التفسير لا ينفد، وإن أهل كل عصر سيحتاجون إلى تفاسير جديدة للقرآن، تعالج مشكلات عصرهم، وتحل قضايا مجتمعاتهم، وترد على الشبهات الجديدة التى أثارها أعداؤهم، وتوثق صلة المسلمين بقرآنهم، وتحسّن تعاملهم معه وحياتهم به..
ونحن فى عصرنا الحاضر أحوج ما نكون إلى القرآن، نتلوه ونتدبره، ونفهمه ونفسره، ونحيا به ونتعامل معه، ونستخرج المزيد من كنوزه المذخورة، ونتحرك به، ونجاهد الأعداء به، ونصلح أنفسنا ومجتمعاتنا على هديه، ونقيم مناهج حياتنا على أسسه ومبادئه وتوجيهاته.. لأن هذا