وبينت، وقدمت للناس ليؤمنوا بها الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ (١) [هود: ١].
وخاطب الله رسوله صلّى الله عليه وسلّم بأنه أنزل عليه القرآن، وذلك ليخرج الناس من الظلمات إلى النور، من ظلمات الكفر إلى نور الإيمان، وكتاب الله هو الوسيلة الوحيدة لهذا الإخراج، وأية وسيلة أخرى غيره إنما هى أوهام وظنون وتخرصات، ولا تنتج إلّا مزيدا من الظلمات. قال تعالى: الر كِتابٌ أَنْزَلْناهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلى صِراطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ (١) [إبراهيم: ١].
وأعلمه أنه أنزل إليه الذكر والكتاب تبيانا لكل شيء وتفصيلا له، وهو بهذا التبيان هدى ورحمة وبشرى للمسلمين، فقال: وَنَزَّلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ تِبْياناً لِكُلِّ شَيْءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً وَبُشْرى لِلْمُسْلِمِينَ (٨٩) [النحل: ٨٩]، وقال: وَأَنْزَلْنا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤) [النحل: ٤٤].
بل قصر الله مهمة الكتاب الكريم على هذا البيان، وحصرها به، وطالب رسوله عليه الصلاة والسلام بالقيام بذلك وتبليغه وأدائه.. وَما أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤) [النحل: ٦٤].
وورود ثلاث آيات كريمة فى سورة واحدة- هى سورة النحل- تحدد مهمة هذا الكتاب وتقصرها على البيان والتبيان، وتطالب الرسول عليه السّلام بذلك، ذو دلالة خاصة على هذا، ويشير إلى تفرد سورة النحل بذلك- وهى سورة النعم، وأية نعمة أعظم من نعمة التبيان والبيان من خلال القرآن-.. كما نشير إلى صياغة الآيات الكريمة، حيث جعلت