وباستعمال مفاتيح هادية لذلك التعامل والتدبر.. لأن هذا هو الذى يتفق مع طبيعة هذا القرآن الأساسية، وسمته المطردة، إلا هى «الواقعية الحركية» مفتاح التعامل مع هذا الكتاب العجيب المعجز..
ونختم هذه النقول بهذه الفقرة الرائدة لسيد قطب، التى توضح هذه السمة، وتدل على المفتاح لهذه النظرية، وتدعو إلى هذا المنهج.. ومن مزيتها أنها تمثل خلاصة رأيه فى هذا، وهو الرأى النهائى الأخير الذى استقر عليه وأصبح عنده بدهية يقينية، وحقيقة قطعية.. لأنه أوردها فى تعريفه بسورة الحجر- من الطبعة المنقحة- وهو الذى كتبه قبيل اعتقاله الأخير بأيام- أو بساعات-!!.
يقول: «.. ومن ثم تواجه حاجات الحركة الإسلامية ومقتضياتها كلما تكررت هذه الفترة (الفترة الحرجة فى الدعوة الإسلامية فى مكة ما بين عام الحزن والهجرة)، وذلك كالذى تواجهه الحركة الإسلامية الآن فى هذا الزمان..
ونحن نؤكد على هذه السمة فى هذا القرآن.. سمة الواقعية الحركية.. لأنها فى نظرنا مفتاح التعامل مع هذا الكتاب، وفهمه وفقهه، وإدراك مراميه وأهدافه..
إنه لا بد من استصحاب الأحوال والملابسات والظروف والحاجات والمقتضيات الواقعية العملية التى صاحبت نزول النص القرآنى.. لا بدّ من هذا لإدراك وجهة النص وأبعاد مدلولاته، ولرؤية حيويته وهو يعمل فى وسط حى، ويواجه حالة واقعة، كما يواجه أحياء يتحركون معه أو ضده..
وهذه الرؤية ضرورية لفقه أحكامه وتذوقها، كما هى ضرورية للانتفاع بتوجيهاته كلما تكررت تلك الظروف والملابسات فى فترة تاريخية تالية، وعلى الأخص فيما يواجهنا اليوم ونحن نستأنف الدعوة الإسلامية.