ونحن لا ننكر وجود هذا كله فى القرآن، وشموله له، وإشارته إليه، ولا يجوز لنا أن نفرغه من هذه الأمور.. لكن توفر هذه الأشياء فيه شيء، وأن نقصر نظرتنا له عليها فقط شيء آخر.. إننا لو فعلنا ذلك فسنفرغه من محتواه، ونعطله عن دوره ومهمته، ونقع فى خطأ النظرات الجزئية الناقصة..
وبعض الباحثين فى القرآن يقسمه إلى موضوعات، ويبحث عن مفرداته وعباراته، وإشاراته إلى كل موضوع منها، فهذا يبحث عن قصص القرآن، والآخر عن غيوبه، والثالث عن علومه، أو عن تشريعاته أو إشاراته إلى التاريخ أو علم النفس أو الإدارة أو الثقافة أو الاقتصاد أو الاجتماع أو غير ذلك، ومنهم من يبحث فى مصطلحاته ومفرداته كالصبر والصلاة والتقوى والخلافة والدعاء والحكم والجهاد.. وغير ذلك، ومنهم من يحاول تصنيف سوره وآياته وفهرستها وبيان ما تضمنته من موضوعات وعلوم ومعارف..
وهذه جهود طيبة خيرة، وأصحابها مثابون إن شاء الله- على حسب نياتهم فيها- لكنها لن تكون كاملة متكاملة شاملة، ولن تلم بالموضوع من كافة أطرافه أو تحيط به من كل جوانبه، حيث سيفوت أصحابها الكثير من اللمحات والإشارات واللفتات القرآنية للموضوع الذى يبحث أحدهم فيه.. وإلقاء نظرة فاحصة على نتاج هؤلاء فى هذا المجال كافية للخروج بهذه الحقيقة.. ولا يفهم من كلامنا إلغاء العمل والبحث فى هذه الموضوعات، وعدم جدوى أو صواب أو صحة ذلك، وإعدام تلك الكتب والأبحاث والدراسات!!! فهذا لا بد منه، ولكن نحب أن تكون عند هؤلاء الباحثين وعند القارئين لنتاجهم ودراساتهم هذه الحقيقة، وهى أن القرآن الكريم عملاق ضخم، عملاق فى طبيعته، وفى مهمته، وفى