ذلك الذى أراد أن يستدل من القرآن على أن الأديان السماوية كلها وحدة واحدة، وأن أتباعها كلهم فى الجنة، وأن اليهود والنصارى- بعد نزول القرآن- هم مقبولون عند الله، وتوكأ فى كل هذا على قوله تعالى:
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصارى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صالِحاً فَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦٩) [المائدة: ٦٩].
وذلك الذى استدل بقوله تعالى: وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ ما فَرَّطْنا فِي الْكِتابِ مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ (٣٨) [الأنعام: ٣٨] على أن القرآن حوى جميع العلوم والمعارف.
وذلك الذى يركن إلى الحكام الظالمين المحاربين لله ورسوله ولدينه، فيبحث لهم عن آية توجب طاعتهم وتنفيذ أحكامهم، فيعتمد على قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا
أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ
[النساء: ٥٩].
وذلك الشيخ الذى باع دينه بدين غيره من الحكام الظالمين، فخسر الأمرين معا، وصار يبرر لهم رذائلهم وضلالهم، ويعطيه بعدا إسلاميا، ويضفى عليه ظلا قرآنيا، ويبحث عن آيات القرآن لتشهد له..
إذا طلبوا فتوى فى الفائدة الحرام، والربا المقيت، وجدها فى آية:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً [آل عمران: ١٣٠].
وإذا والوا النصارى وأحبوهم وقربوهم، برر لهم ذلك بآية:
وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قالُوا إِنَّا نَصارى ذلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْباناً وَأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ (٨٢) [المائدة: ٨٢].
وإذا ذلوا أمام الأعداء وجبنوا عن قتالهم، وفاوضوهم على البلاد، وصالحوهم على الأوطان، وتنازلوا عن البلدان، أجاز لهم ذلك بآية:
وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَها [الأنفال: ٦١].