واعتبروا بأمثاله، واعملوا بمحكمه، وآمنوا بمتشابهه، وقولوا آمنا به كل من عند ربنا» (١).
وقد أجيب عن هذا الحديث بثلاثة أمور:
الأمر الأول: أن هذه السبعة غير السبعة الأحرف التي ذكرها النبي صلّى الله عليه وسلم في الأحاديث، فقد فسرها في هذا الحديث بأنها الحلال والحرام... ، ثم أكد ذلك بالأمر بقوله: قولوا: آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا فدل ذلك على أن هذه غير القراءات.
الأمر الثاني: أن السبعة الأحرف في هذا الحديث هي تفسير للسبعة أبواب، وليست هي عين الأحرف السبعة.
الأمر الثالث: أن قوله: الحلال والحرام... لا تعلق له بالسبعة الأحرف، ولا بالسبعة الأبواب، بل هو إخبار عن القرآن، أي هو كذا وكذا.
٤ - أن المراد سبع لغات من لغات العرب الفصحى أنزل القرآن بها فهي متفرقة فيه، فبعضه بلغة قريش وبعضه بلغة هذيل وبعضه بلغة هوازن، وبعضه بلغة اليمن، وهو قول أبي عبيد القاسم بن سلام.
ويناقش هذا القول: بأن هناك بعض الكلمات ليست من اللغات التي عدّوها، بدليل أن القرآن الكريم نزل بلغات كثيرة متعددة ليست منحصرة فيما ذكروا، فمثلا:
لفظ (سامدون) في قوله تعالى: وَأَنْتُمْ سامِدُونَ [النجم: ٦١] باللغة الحميرية، و (رفث) بمعنى الجماع، بلغة مذحج، وهكذا... (٢).
٥ - أن المراد سبع لغات من لغات العرب، ثم اختلفوا في تعيينها فقال بعضهم:
قريش، وهذيل، وثقيف، وهوازن، وكنانة، وتميم، واليمن، وقال البعض الآخر: إنها خمس لغات في أكناف هوازن: سعد وثقيف، وكنانة وهذيل، وقريش، ولغتان على جميع ألسنة العرب.
ويناقش القول الرابع والخامس: بأن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهشام بن حكيم قد اختلفا في قراءة سورة الفرقان كما ثبت في الصحيح، وكلاهما قرشي من
(٢) الزرقاني، مناهل العرفان (١: ١٨٠).