وتقدم: أن علم التجويد يعتني بتحسين وتجويد الألفاظ القرآنية، من حيث إخراج كل حرف من مخرجه، ورده إلى أصله، وترتيبه، وإعطاؤه حقه ومستحقه من الصفات، وبعض المسائل التجويدية المتعلقة بتحسين اللفظ، إضافة إلى الوقف الصحيح والابتداء الصحيح، وخلاصة القول: أنه العلم الذي يعتني بتصحيح النطق بالكلمات القرآنية بلا تعسف ولا إفراط ولا تكلف.
والتجويد وإن كان صناعة علمية لها قواعدها التي تعتمد على إخراج الحروف من مخارجها مع مراعاة صلة كل حرف بما قبله وما بعده في كيفية الأداء؛ فإنه لا يكتسب بالدراسة بقدر ما يكتسب بالممارسة والمران ومحاكاة من يجيد القراءة (١).
أما علم القراءات فهو «العلم الذي يعني بكيفية أداء كلمات القرآن، واختلافها معزوا إلى ناقله»، وهو العلم الذي يعنى بنقل الروايات القرآنية المروية عن النبي صلّى الله عليه وسلم.
وهذا لا يعني أن علم القراءات منفصل عن علم التجويد، بل إن علماء القراءات ينقلون هذه الروايات ويعلمونها طلابهم على وفق الكيفية المجودة المروية عن صلّى الله عليه وسلم، ولكن جل اهتمامهم هو الاعتناء بهذه الروايات ونقلها، وضبطها؛ وإن كانت تروى مجودة.
مما سبق يمكن القول بأن علمي التجويد والقراءات يشتركان فيما يلي:
١ - أن كليهما يرتبط بألفاظ القرآن من جهة يختلف فيها عن الآخر.
٢ - أن القراءات القرآنية المعزوة إلى ناقليها لا يمكن قراءتها منفكة عن الكيفية المجودة التي أنزل القرآن بها، بمعنى أن الأوجه المنقولة نقلت مجودة.
٣ - أن علم التجويد يعدّ جزءا من علم القراءات على اعتبار أن علم القراءات على ما تقدم ينقسم إلى قسمين: الأصول والفرش، وأن علم التجويد في كثير من مباحثه يعتبر من الأصول التي بحثها القراء.
ويتضح أيضا أن علمي القراءات والتجويد يختلفان في أمرين (٢):

(١) مناع القطان، مباحث في علوم القرآن، ص ١٨٨.
(٢) غانم قدوري الحمد، الدراسات الصوتية عند علماء التجويد، ص ٢٠ - ٢١.


الصفحة التالية
Icon