غوى» (١)، فعدم مراعاة هذا الخطيب لموضع الوقف أدى إلى تغيير المعنى، وكان عليه أن يقف على: فقد رشد، ثم يبدأ الجملة التالية.
وقد اعتنى علماؤنا بهذا العلم، وأولوه رعايتهم واهتمامهم وحرصوا على تبيين مواضع الوقف في القرآن الكريم، لإعانة القارئ على اختيار أماكن الوقف، واصطلحوا على تقسيم الوقف الاختياري إلى أنواع، وعلى إعطاء كل نوع منها رمزا يدل عليه للاختصار والتخفيف على القارئين، وإن اختلفوا في تحديد أنواع الوقف الاختياري، رغبة من بعضهم في زيادة التفريع والتنويع فجعلوها أنواعا كثيرة، ورغب آخرون في تقليل هذه الأنواع واختصارها.
فمنهم من جعل مراتب الاختياري ثمانية هي: التام فالحسن فالكافي فالصالح فالمفهوم فالجائز فالبيان فالقبيح، ومنهم من جعلها ثلاثة: تام مختار، وكاف جائز، وقبيح متروك (٢).
وعلى القارئ التمكن من معرفة كيفية الوقف على الألفاظ التي فيها أكثر من وجه أو التي وقع بين القراء خلاف فيها، أو التي يوقف عليها بموافقة الرسم تقديرا أو تحقيقا، بإثبات حروف أو حذفها، وهذا باب واسع دقيق، ومنه مثلا:
- الألفاظ المرسومة بالتاء المفتوحة وتقرأ بالإفراد نحو: أُولئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِ [البقرة: ٢١٨]، وَجَنَّةُ نَعِيمٍ [الواقعة: ٨٩] يقف عليها بالهاء ابن كثير وأبو عمرو والكسائي ويعقوب، ويقف عليها الباقون بالتاء.
- الوقف بإضافة هاء الوقف في ألفاظ مثل: فِيمَ [النساء: ٩٧] وعَمَّ [النبأ:
١] وهُوَ وهِيَ وعَلَيْهِنَّ [النور: ٦٠]، وإِلَيَّ [الدخان: ١٨] ليعقوب، وافقه البزي في أحد الوجهين عنه في المثالين الأولين.
- الوقف بإثبات بعض الحروف المحذوفة رسما، كإثبات ألف أَيُّهَ المرسوم بحذفها في [النور: ٣١، والزخرف: ٤٩، والرحمن: ٣١] لأبي عمرو والكسائي ويعقوب، ويقف الباقون بحذفها.
(٢) زكريا الأنصاري، المقصد، ص ٦.