ثالثا: الرأي المختار في معنى الأحرف السبعة:
إن الأقوال السابقة لا تخلو من مناقشة وأخذ ورد، كما سبق، ولا تحدد حقيقة الأحرف السبعة، ولا تبين معناها، ولذا فإن الرأي الذي يظهر أنه منسجم ومتوافق والأحاديث الواردة في معنى الأحرف السبعة، هو الذي توصل إليه الدكتور عبد العزيز بن عبد الفتاح القارئ بدقة وتفصيل، وهو أن الأحرف السبعة: «وجوه متعددة متغايرة منزلة من وجوه القراءة، يمكنك أن تقرأ بأي منها فتكون قد قرأت قرآنا منزلا، والعدد هنا مراد، بمعنى: أن أقصى حدّ يمكن أن تبلغه الوجوه القرآنية المنزلة هو سبعة أوجه، وذلك في الكلمة القرآنية الواحدة ضمن نوع واحد من أنواع الاختلاف والتغاير، ولا يلزم أن تبلغ الأوجه هذا الحد في كل موضع من القرآن» (١).
وهو قريب مما توصل إليه الدكتور عبد الصبور شاهين بقوله: «ما يمثّل اختلاف اللهجات وتباين مستويات الأداء الناشئة عن اختلاف الألسن وتفاوت التعليم، وكذلك ما يشمل اختلاف بعض الألفاظ وترتيب الجمل بما لا يتغير به المعنى المراد».
ويعلق الأستاذ الدكتور غانم قدوري الحمد على كلام الدكتور عبد الصبور شاهين فيقول: «... ويظل معنى الحديث يشير إلى تلك الرخصة التي جاءت تيسيرا، وحلا لمشكلة واجهت الجماعة المسلمة، دون تحديد لأبعاد تلك الرخصة، ولكنها لا تخرج عن إطار وجوه القراءات المروية... » (٢).
وقد عرف الدكتور نور الدين عتر الأحرف السبعة اصطلاحا بقوله: «هي سبعة أوجه فصيحة من اللغات والقراءات أنزل عليها القرآن الكريم» (٣)، وهو منسجم مع ما توصل إليه الدكتور القارئ أيضا.
(٢) غانم قدوري، رسم المصحف، ص ١٤٤.
(٣) نور الدين عتر، علوم القرآن، ص ١٣٦.