وأما القراءة الشاذة اصطلاحا، فهي ما اختل فيها ركن من أركان القراءة الثلاثة المتقدمة: التواتر، وموافقة الرسم العثماني، وموافقة وجه من وجوه اللغة العربية (١).
غير أن جمهور القراء يعتبرون الشاذ ما كان غير متواتر، فالآحاد عندهم في حكم الشاذ، وهي القراءة التي اختل فيها ركنها الركين وهو التواتر، وهذا الركن يعد الركن الأهم، والمعول عليه في اعتبار إثبات قرآنية الرواية، فمتى فقدت الرواية أحد هذه الشروط، تكون شاذة ويحكم بعدم قرآنيتها، ولا تعتبر قرآنا.
قال الحافظ ابن الجزري: «... ومتى اختل ركن من الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة... هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف» (٢).
ثانيا: رواة القراءات الشاذة:
وهم ينقسمون إلى قسمين (٣):
القسم الأول: الذين رووا القراءات الشاذة بصورة عامة، وهم كثير حتى روي عن بعض الأئمة العشرة رواية بعض القراءات الشاذة، ومنهم بعض الصحابة كابن مسعود (ت ٣٢ هـ)، ومسروق بن الأجدع بن مالك (ت ٦٢ هـ)، وعبد الله بن الزبير (ت ٧٣ هـ) رضي الله عنهم، ومن التابعين: كنصر بن عاصم الليثي البصري (ت ٩٩ هـ)، ومجاهد بن جبر (ت ١٠٣ هـ)، وأبان بن عثمان بن عفان (ت ١٠٥ هـ)، والضحاك بن مزاحم (ت ١٠٥ هـ)، ومحمد بن سيرين (ت ١١٠ هـ)، وقتادة بن دعامة أبو الخطاب السدوسي (ت ١١٧ هـ)، وغيرهم.
القسم الثاني: وهم أشهر أصحاب القراءات الشاذة، وهم أربعة، جمعهم بعض العلماء كالقباقبي في إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز، والدمياطي في إتحاف فضلاء البشر في القراءات الأربع عشر، وسأعرف بهم بصورة موجزة على النحو التالي:
١ - ابن محيصن: هو محمد بن عبد الرحمن بن محيصن السهمي مولاهم المكي، مقرئ أهل مكة مع ابن كثير، ثقة، روى له مسلم، قال ابن مجاهد: «كان لابن محيصن اختيار في القراءة على مذهب العربية، فخرج به عن إجماع أهل بلده،
(٢) ابن الجزري، النشر في القراءات العشر (١: ٩).
(٣) الدكتور شعبان محمد إسماعيل، القراءات، أحكامها ومصدرها، ص ١٢٨.