أليس الليل يجمع أمّ عمرو وإيّانا فذاك بنا تداني
نعم وترى الهلال كما أراه ويعلوها المشيب كما علاني
فأجاب النفي المقرون بالاستفهام بنعم وهو قليل جدا مراعاة للمعنى لأنه إيجاب كأنه قال الليل يجمعنا. قيل هو ضرورة، وقيل نظر إلى المعنى. وقيل نعم ليست جوابا لأ ليس بل جوابا لقوله: فذاك بنا تداني، والفقهاء سوّوا بينهما فيما لو قال شخص لآخر أليس لي عندك عشرة. فقال الآخر نعم أو بلى لزمه الإقرار بذلك على قول عند النحاة أن نعم كبلى، لكن اللزوم في بلى ظاهر، وأما نعم فإنما لزم بها الإقرار على عرف الناس لا على مقتضى اللغة، لأنها تقرّر الكلام الذي قبلها مطلقا نفيا أو إثباتا، وعليه قول ابن عباس فالوقف تابع لمعناها والتفصيل أبين، فلا يفصل بين بلى وما بعدها من الشرط كما هنا أو اتصل بها قسم نحو قالُوا بَلى وَرَبِّنا* فلا يفصل بينها وبين الشيء الذي توجبه، لأن الفصل ينقض معنى الإيجاب كما جزم بذلك العلامة السخاوي وأبو العلاء الهمداني وأبو محمد الحسن بن عليّ العماني:
بفتح العين المهملة وتشديد الميم نسبة إلى عمان مدينة البلقاء بالشأم دون دمشق، لا العماني بالضم والتخفيف نسبة إلى عمان قرية تحت البصرة وبها جبل جمع الله الذوات عليه، وخاطبهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا أنك ربنا لا ربّ لنا غيرك، ولا إله لنا سواك، كذا يستفاد من السمين وغيره
ـــــــــــــــــــــــــ
..................................
_
بلى في الآيتين خطأ، ففيه ردّ على أبي عمرو حيث قال: الوقف على بلى كاف في جميع القرآن، لأنه ردّ للنفي المتقدّم. نعم إن اتصل به قسم كقوله تعالى: قالُوا بَلى وَرَبِّنا*، وقُلْ بَلى وَرَبِّي* لم
يوقف عليه دونه، وما قاله أبو عمرو أوجه أَصْحابُ النَّارِ مفهوم، وكذا أصحاب الجنة، وهو ظاهر إن جعلت الجملة بعد كل منهما مستأنفة، لا إن أعربت حالا كما حكى عن ابن كيسان، أو خبرا ثانيا خالِدُونَ* في الموضعين تامّ إِلَّا اللَّهَ تامّ. وقال أبو عمرو كاف وَالْمَساكِينِ مفهوم حُسْناً صالح وَأَقِيمُوا


الصفحة التالية
Icon