مرفوعان بالابتداء وببابل الخبر: أي هاروت وماروت ببابل، فعلى هذه القراءة بهذا التقدير يكون الوقف على الملكين، وهذا الوقف أبعد من الأول لبعد وجهه عند أهل التفسير ونصبهما بإضمار أعني فيكون الوقف على بابل كافيا ونصبهما بدلا من الشياطين على قراءة نصب النون، وعلى هذه القراءة لا يفصل بين البدل والمبدل منه بالوقف. قوله وما كفر سليمان- ردّ على الشياطين، لأنهم زعموا أن سليمان استولى على الملك بالسحر الذي ادّعوه عليه فعلى هذا يكون قوله: وَما كَفَرَ سُلَيْمانُ ردّا على اليهود، والسبب الذي من أجله أضافت اليهود السحر إلى سليمان بزعمهم فأنزل الله براءته، وما ذاك إلا أن سليمان كان جمع كتب السحر تحت كرسيه لئلا يعمل به، فلما مات ووجدت الكتب قالت الشياطين بهذا كان ملكه، وشاع في اليهود أن سليمان كان ساحرا، فلما بعث الله محمدا صلّى الله عليه وسلّم بالرسالة خاصموه بتلك الكتب وادّعوا أنه كان ساحرا، فأنزل الله وَاتَّبَعُوا ما تَتْلُوا الشَّياطِينُ الآية، فأنزل الله براءته حَتَّى يَقُولا ليس بوقف لفصله بين القول والمقول، وحتى هنا حرف جرّ، وتكون حرف عطف، وتكون حرف ابتداء تقع بعدها الجمل كقوله: [الطويل]

فما زالت القتلى تمجّ دماءها بدجلة حتّى ماء دجلة أشكل
والغاية معنى لا يفارقها في هذه الأحوال الثلاثة: إما في القوّة أو
ـــــــــــــــــــــــــ
..................................
_
هو حسن وَلكِنَّ الشَّياطِينَ كَفَرُوا صالح يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ كاف إن جعلت ما جحدا، وإن جعلت بمعنى الذي لم يوقف على ذلك هارُوتَ وَمارُوتَ تامّ. وقال أبو عمرو: كاف فَلا تَكْفُرْ كاف إن جعل ما بعده معطوفا على ما تقدّم، وحسن إن جعل ما بعده مستأنفا: أي فهم يتعلمون بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ حسن إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كاف وَلا يَنْفَعُهُمْ حسن مِنْ خَلاقٍ صالح. وقال أبو عمرو فيهما: كاف لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ اثنان أوّلهما صالح وثانيهما تامّ. وقال أبو عمرو في الأول كاف، وفي


الصفحة التالية
Icon