فوائد مهمة تحتاج إلى صرف الهمة
الفائدة الأولى: في ذكر الأئمة الذين اشتهر عنهم هذا الفنّ وهو فنّ جليل:
قال عبد الله بن عمر- رضي الله تعالى عنهما-: لقد عشنا برهة من دهرنا، وأن أحدنا ليؤتى الإيمان قبل القرآن، وتنزل السورة على محمد صلّى الله عليه وسلّم فنتعلم حلالها وحرامها، وما ينبغي أن يوقف عنده منها كما تتعلمون أنتم اليوم القرآن، ولقد رأينا اليوم رجالا يؤتى أحدهم القرآن قبل الإيمان، فيقرأ ما بين فاتحته إلى خاتمته ما يدري ما آمره ولا زاجره، ولا ما ينبغي أن يوقف عنده وكل حرف منه ينادي: أنا رسول الله إليك لتعمل بي وتتعظ بمواعظي. قال النحاس: فهذا يدل على أنهم كانوا يتعلمون الوقوف كما يتعلمون القرآن حتى قال بعضهم: إن معرفته تظهر مذهب أهل السنة من مذهب المعتزلة (١)
ـــــــــــــــــــــــــ
أوساط الآي. وإن كان الاغلب في أواخرها، وليس آخر كل آية وقفا، بل المعاني معتبرة والأنفاس تابعة لها، والقارئ إذا بلغ الوقف وفي نفسه طول يبلغ الوقف يليه فله مجاوزته إلى ما يليه فما بعده، فإن علم أن نفسه لا يبلغ ذلك فالأحسن أن لا يجاوزه كالمسافر إذا لقي منزلا خصبا ظليلا كثير الماء والكلأ وعلم أنه إن جاوزه لا يبلغ المنزل الثاني واحتاج إلى النزول في مفازة لا شيء فيها من ذلك فالأوفق له أن لا يجاوزه، فإن

(١) المقصود من ذلك أن كل واحد قد يوظف الوقف في القرآن العظيم على هواه إذا لم يكن عالما من أهل السنة، فإنه حتما سيقف على الجزء الذي يبرر مذهبه الفاسد، أما المثل الذي ضربه الشيخ، فهو يقصد به المعتزلة، لأنهم ينفون المشيئة لله في خلق أفعال العباد على مذهبهم الفاسد في نفى صفة خلق الله لأفعال العباد، وهم يرون كما هو معلوم أن العباد هم الذين يختارون ويخلقون أفعالهم بأنفسهم، وهذا كلام باطل، لأنه ليس معنى أن يختار العباد أفعالهم أنهم يخلقونها أو يفعلونها بمشيئتهم دون مشيئة الله فالله تعالى يقول: وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ، وليس هذا موضع بسط الكلام في هذه المسألة، ففيما قلنا كفاية والله أعلم، وللتفصيل عليك بالعقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية فقد


الصفحة التالية
Icon