أعيد حرف الجر؟ فالجواب: أن إعادة الحرف لمعنى المبالغة في الوعيد أو أن المعنى وختم على سمعهم فحذف الفعل وقام الحرف مقامه وَعَلى سَمْعِهِمْ تامّ: إن رفعت غشاوة بالابتداء أو بالظرف: أي ترفع غشاوة بالفعل المضمر قبل الظرف، لأن الظرف لا بدّ له أن يتعلق بفعل إما ظاهر أو مضمر.
فإذا قلت في الدار زيد كأنك قلت استقرّ في الدار زيد. وقال الأخفش والفراء:
إن معنى الختم قد انقطع. ثم استأنف، فقال وعلى أبصارهم غشاوة، وكرّر لفظ على ليشعر بتغاير الختمين، وهو أن ختم القلوب غير ختم الأسماع، وقد فرّق النحويون بين مررت بزيد وعمرو، وبين مررت بزيد وبعمرو، فقالوا في الأوّل هو مرور واحد، وفي الثاني هما مروران، وقرأ عاصم وأبو رجاء العطاردي غشاوة بالنصب بفعل مضمر: أي وجعل على أبصارهم غشاوة، فلا يرون الحق فحذف الفعل، لأن ما قبله يدل عليه كقوله: [الكامل]
يا ليت زوجك قد غدا... متقلدا سيفا ورمحا
أي وحاملا رمحا لأن التقليد لا يقع على الرمح كما أن الختم لا يقع على العين، وعلى هذا يسوغ الوقف على سمعهم أو على إسقاط حرف الجرّ ويكون: وعلى أبصارهم معطوفا على ما قبله: أي ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم بغشاوة، فلما حذف حرف الجرّ وصل الفعل إليه فانتصب كقوله: [الوافر]
تمرّون الديار فلم تعوجوا... كلامكمو عليّ إذا حرام
أي تمرون بالديار. وقال الفراء: أنشدني بعض بني أسد يصف فرسه:
ـــــــــــــــــــــــــ
..................................
هذا إن رفعت غشاوة بالابتداء أو بالظرف: أي استقرّ، أو حصل على أبصارهم غشاوة، وإن نصبتها كما روي عن عاصم إما بختم أو بفعل دل عليه ختم: أي وجعل على أبصارهم غشاوة، أو بنزع الخافض، وأصله بغشاوة، فالوقف على سمعهم على الثاني من الأوجه