من وجه واحد، وهي كونها أي بعوضة بدلا من مثلا على توهم زيادة الباء، والأصل أن الله لا يستحي بضرب مثل بعوضة، وهو تعسف ينبو عنه بلاغة القرآن العظيم والوقف يبين المعنى المراد، فمن رفع بعوضة على أنها مبتدأ محذوف الخبر أو خبر مبتدأ محذوف كان الوقف على ما تاما، ومن نصبها أي بعوضة بفعل محذوف كان كافيا لعدم تعلق ما بعدها بما قبلها لفظا لا معنى، وكذلك يكون الوقف على ما كافيا إذا جعلت ما توكيدا لأنها إذا جعلت تأكيدا لم يوقف على ما قبلها، وأما لو نصبت بعوضة على الاتباع لما ونصبت ما على الاتباع لمثلا، فلا يحسن الوقف على ما، لأن بعوضة متممة لما كما لو كانت بعوضة صفة لما، أو نصبت بدلا من مثلا أو كونها على إسقاط الجار أو على أن ما موصولة، لأن الجملة بعدها صلتها، ولا يوقف على الموصول دون صلته أو أن ما استفهامية وبعوضة خبرها، أو جرت بعوضة بدلا من مثلا، ففي هذه الأوجه السبعة لا يوقف على ما لشدّة تعلق ما بعدها بما قبلها، وإنما ذكرت هذه الأوجه هنا لنفاستها لأنها مما ينبغي تحصيله وحفظه. هذا ما أردناه أثابنا الله على ما قصدناه، وهذا الوقف جدير بأن يخص بتأليف فَما فَوْقَها كاف: مِنْ رَبِّهِمْ جائز: لأن. أما الثانية معطوفة على الأولى، لأن الجملتين وإن اتفقتا فكلمة أما للتفصيل بين الجمل بِهذا مَثَلًا كاف: على استئناف ما بعده جوابا من الله للكفار، وإن جعل من تتمة الحكاية عنهم كان جائزا كَثِيراً الثاني حسن: وكذا الفاسقين على وجه، وذلك أن في الذين الحركات الثلاث الجر من ثلاثة أوجه: كونه صفة ذم للفاسقين أو بدلا منهم أو
ـــــــــــــــــــــــــ
..................................

_
بِهذا مَثَلًا كاف إن جعل ما بعده مستأنفا جوابا من الله لكلام الكافرين، وإن جعل من تمام الحكاية عن الكفار لم يحسن الوقف على ذلك ولا يبعد أن يكون جائزا وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً كاف إِلَّا الْفاسِقِينَ تامّ: إن جعل ما بعده مستأنفا، وجاز إن جعل صفة له مِيثاقِهِ صالح، وكذا في الأرض الْخاسِرُونَ تامّ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ كاف، وأنكره


الصفحة التالية
Icon