وقد تأثر بعض المحدثين بقول الطبري، كما ظهر في كتاب مباحث في علوم القرآن (١).
لقد فسر الطبري الأحرف السبعة بأنها سبعة أوجه، ولكنها ليست كالأوجه السبعة التي سيأتيك ذكرها بل أوجه سبعة من المعاني المتفقة والألفاظ المختلفة في الكلمة الواحدة نحو هلم وأقبل وأسرع وتعال وعجل وقصدي ونحوي وقربي (٢).
فلك أن تختار أي لفظ من هذه الألفاظ، وهذا معنى التسهيل والتيسير على الأمة، وقد أورد الطبري الحديث أن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال لأبي بكرة: «كلّها شاف كاف»، إلّا أن تخلط آية رحمة بآية عذاب، أو آية عذاب بآية رحمة، على نحو هلم وتعالى وأسرع وأقبل.. إلخ.
أو كما روي في حديث أبي بن كعب: (قلت: غفورا رحيما أو قلت: سميعا حكيما أو قلت: عليما حكيما أو قلت: عزيزا حكيما، أي ذلك قلت فإنه كذلك).
واستدلوا على هذا القول بقراءات مروية عن أعيان الصحابة، مثل أبي بن كعب، وهو أقرأ الصحابة كما ورد، «أقرؤكم أبي» فقد روي أنه قرأ قوله تعالى:.. مَشَوْا فِيهِ.. [البقرة: ٢٠]، أبدلها بقوله: «مروا فيه، سعوا فيه». وقرأ قوله تعالى في سورة الحديد:.. لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونا.. [الحديد: ١٣]. قال: (أمهلونا، أخرونا، ارقبونا).
أما أنس بن مالك فقرأ قوله تعالى في المزمل: إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً وَأَقْوَمُ قِيلًا [المزمل: ٦]. قال: (وأصوب قيلا، فقيل له: أقوم فقال: وأصوب وأهيأ واحد) (٣).
أما ابن مسعود فقد أقرّ رجلا قرأ قوله تعالى:
إِنَّ شَجَرَةَ الزَّقُّومِ ٤٣ طَعامُ الْأَثِيمِ [الدخان: ٤٣ - ٤٤] (٤).
(٢) جامع البيان ١/ ٢٠.
(٣) جامع البيان ١/ ١٨، والحديث رواه أبو يعلى والبزار.
(٤) انظر تفسير الآية للطبري والقرطبي.