حين قال طعام الأثيم فقال: (قل: طعام الفاجر) هذا قول الطبري وهو فاسد من وجوه كثيرة:
١ - أن الآثار التي استند إليها في الأحرف السبعة لم يصح منها إلّا ما أوردناه سابقا، أو ما هو قريب من لفظة ومعناه، أما هذه الروايات المروية عن الصحابة فلم تثبت عن النبي صلّى الله عليه وسلّم.
٢ - أن الآثار المروية عن الصحابة، رضوان الله عليهم، على فرض صحتها هي قراءات شاذة لا يعتد بها في الاستشهاد.
٣ - لم يعتبر أحد أن هذه القراءات قرآنية، لأنها لم تتواتر وهي قراءات إن صحت على أبعد احتمال، فلا تعدو أن تكون قراءة آحاد مخالفة للسواد، فلا يعتد بها كما قال أبو حيان.
٤ - على أن العلماء مع اتفاقهم جميعا دون استثناء، على أنها ليست قرآنا، قد اختلفوا في اعتبارها حديثا وهي على أحسن تقدير تفسير صحابي.
٥ - أن القراءة بالمرادف يفتح باب التغيير والتبديل فليس للنبيّ ولا لصحابي أن يبدل اللفظة من بعض هذه الألفاظ من تلقاء نفسه، فإن هذا القرآن المعجز لو حذفت أو أبدلت كلمة منه ثم أدرت لسان العرب كله على أن تأتي بدلها ما استطعت.
إن كلمة هلم أو أقبل أو نحوي، لا يمكن أن تسد مسد كلمة تعال لا في اللفظ وتناسقه وسياقه، ولا في أداء المعنى الدقيق لهذه الكلمة.
فهل كلمة هلم وأقبل ونحوي وأسرع... تسد مسد كلمة تعال؟ أو كلمة أقوم مثل: أهيأ وأصوب، أو كلمة «طعام الفاجر» مثل طعام الأثيم..
لقد خاض العلماء في ذلك وكتبوا في تشابه القرآن في آياته بزيادة حرف أو نقص أو بإبدال كلمة مكان كلمة، وقالوا في ذلك عجبا، وبينوا، وبينوا الإعجاز الرباني في الإبدال والنقص والزيادة، فكيف يكون قوله عزيزا حكيما، مثل عليما حكيما ما لم نخلط آية عذاب برحمة أو العكس كما زعموا.
قال أبو بكر الباقلاني: (فلا يجوز للناس أن يبدلوا أسماء الله تعالى في موضع بغيره مما يوافق معناه أو يخالف).