أما الألسن فلا حاجة بنا إلى معرفتها، وقد قيل: إن خمسة منها لعجز هوازن، واثنين منها لقريش وخزاعة، روي ذلك عن ابن عباس، وليست الرواية عنه من رواية من يجوز الاحتجاج بنقله، وذلك أن الذي روى عنه أن خمسة منها من لسان العجز من هوازن، هو الكلبي عن أبي صالح، وأما الذي روى عنه أن اللسانين الآخرين لسان قريش وخزاعة فهو قتادة، وقتادة لم يلقه ولم يسمع منه (١)، فهذه روايات لم يصح سندها فلا يعول عليها، أما رواية الكلبي فهي من أوهى الطرق عن ابن عباس، وهي كما يقول علماء الحديث سلسلة الكذب.
أما الرواية عن قتادة فلا تقبل لأنها عنعنة المدلس، قال الطبري: إن قتادة لم يلق ابن عباس ولم يسمع منه (٢).
وعلى كل حال فاللغات السبع لم ترد على سبيل التحديد ولكن لغة قريش واحدة على وجه التأكيد.
وقد يعترض على ذلك أيضا أن عمر بن الخطاب قد اختلف مع هشام بن حكيم في قراءة القرآن، وهما قرشيان، ولغتهما واحدة، ولهجتهما واحدة، فالخلاف وقع بينهما وهما من قبيلة واحدة، فلو كان الأمر كما زعمت أن الأحرف هي اللغات لم تصح دعواك.
ويجاب عن ذلك: أن قراءة القرآن على لغة قريش لا يعني الاقتصار عليها، فقد يكون هشام بن حكيم القرشي قد سمع القرآن بلغة أو بلهجة أخرى، فلما قرأها باللغة الأخرى استنكرها عمر، لأنه لم يسمعها كما سمعها هشام، بل الأمر كذلك حسب الرواية أن هشام كان يقرؤها على حروف كثيرة كما وردت، على أن هشام لم ينكر على عمر بل الذي وقع منه الإنكار عمر، لأنه لم يسمع القراءة التي قرأها هشام، والتي ربما كانت قراءة إضافية عما قرأها عمر.
وبعد: فقد آن لنا أن نتساءل حول إشكال وقضية في نهاية هذا البحث، أما الإشكال فناجم عن الأحرف السبعة والقراءات السبع.
وهل هما من المترادفات وإن كل واحد منهما يعني الآخر سواء بسواء، أو هما غير ذلك.
(٢) جامع البيان ١/ ٦٦.