وقد أرجع الدكتور عبد العال سالم أساس هذا الزعم إلى الزمخشري وقال: إن مصدر الوحي لهذا المستشرق جولد زيهر إنما هو الزمخشري الذي قال بخطإ ابن عامر في قراءته للآية القرآنية (١).
فقد زعم الزمخشري أن الذي حمل ابن عامر على قراءته أنه رأى في بعض المصاحف (شركائهم) مكتوبا بالياء، والسبب هو الرسم. اهـ.
أقول: ونحن إذ نضع في الاحتمال أن يكون للزمخشري أثر في قول زيهر، إلّا أننا نجزم أن مراد كل منهم يختلف عن الآخر، إذ يهدف زيهر للوصول إلى قياس تعدد القراءات على تعدد الأناجيل، وهذه خطيئة ما نظن أن الزمخشري يقع في مثلها.
وفي ضوء دراسة هذه الردود يمكن إيجازها في الأمور التالية:
أولا: إن الاعتماد في نقل القرآن على حفظ القلوب والصدور، لا على خط المصاحف والكتب، فإن القراءات وجدت قبل مرحلة تدوين المصاحف وكتابتها، وبعد تدوينها كانت في البداية غير منقوطة ولا مضبوطة الشكل، ومع ذلك كانت القراءات معروفة ومنتشرة وكانوا يقرءون الآيات حسب السماع والرواية لا حسب الرسم والكتابة.
ثانيا: لو كانت القراءة تابعة للرسم لصحت كل قراءة يحتملها رسم المصحف، ولكن الأمر على غير ذلك، فإن بعض ما يحتمل الرسم صحيح مثل (فتثبتوا) في قول الله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا.. [النساء: ٩٤] الآية.
وبعضه مردود مثل قراءة حماد الرواية (أباه) في قوله تعالى: وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ [التوبة: ١١٤] الآية.
وكذلك قراءة: «تستكثرون» في قوله تعالى: قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ [الأعراف: ٤٨].

(١) أثر القراءات القرآنية في الدراسات النحوية ص ٢٥.


الصفحة التالية
Icon