فابن مجاهد يشترط لقبول القراءة صحة السند، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء المحققين كابن شنبوذ والإمام أبو الحسن البغدادي وابن خالويه ومكي بن أبي طالب والإمام الكواشي والإمام أبو شامة (١).
ولم يشذ عن إجماع هؤلاء العلماء، إلّا محمد بن يعقوب المتوفّى سنة ٣٥٤ هـ.
فإنه لم يشترط السند، واكتفى بقبول القراءة بشرطين: موافقة الرسم وموافقة اللغة العربية، وأسقط صحة السند، وفي ذلك يقول ابن الجزري: «وله «أي المذكور» اختيار في القراءة رويناه في الكامل وغيره، رواه عنه أبو الفرج الشنبوذي، ويذكر عنه أنه كان يقول: إن كل قراءة وافقت المصحف ووجها في العربية فالقراءة بها جائزة وإن لم يكن لها سند) (٢).
والحق أن هذه هفوة من الهفوات التي لا يرتضيها شرع ولا عقل، وهي من أفسد الأقوال، فالقراءات قد تزداد وتنقص وفق احتمال موافقتها للغة أو للرسم القرآني، وبالتالي فهي وفق هوى أئمة اللغة واجتهادهم وليس الأمر كذلك.
٢ - موافقة القراءة للرسم العثماني:
ذهب كثير من العلماء المتأخرين إلى اعتبارهم هذا الشرط، وقد ذكره أبو الفرج الشنبوذي أول الشروط المعتبرة إذ يقول: «إن كل قراءة وافقت رسم المصحف ووجها في العربية فالقراءة بها جائزة».
ويفهم مما ورد في «كتاب السبعة في القراءات» عدم اشتراطه إذ يقول: (فمن حملة القرآن المعرب العالم بوجوه الإعراب والقراءات، العارف باللغات ومعاني الكلمات، البصير بعلم القراءات المنتقد للآثار، فذلك الإمام الذي يفزع إليه حفّاظ القرآن في كل مصر من أمصار المسلمين) (٣).
(٢) غاية النهاية، لابن الجوزي ٢/ ١٢٤.
(٣) كتاب السبعة، ص ٤٥.