فهذا الكلام يدلنا على شرطين لا ثالث لهما: وهما صحة السند وموافقة العربية، وأسقط موافقة الرسم، وذهب إلى ذلك الإمام أبو الحسن البغدادي شيخ القراء بالعراق فأسقط موافقة القراءة للرسم العثماني.
وقد توسع بعض العلماء في موافقة القراءة للرسم العثماني، فرأى احتمال الموافقة كافيا، بل توسع بعضهم فرأى موافقة القراءة للرسم وحده وإن لم تتواتر.
ونحن إذ نرد القراءة التي لم توافق الرسم، إلا أننا لا نقبلها لمجرد موافقتها الرسم.
٣ - موافقة القراءة للغة:
ابتدأ بذكره صاحب النشر فجعله أول الأركان، وثنّى بذكره مكي بن أبي طالب والإمام الكواشي، وجعله ثاني الشروط بعد صحة السند، وقد قيد كل منهم هذا الشرط بقيد يختلف عن الآخر، فبينما يكتفى الكواشي بشرط موافقة القراءة للغة لأي وجه من الوجوه. نرى مكي بن أبي طالب يشترط أن يكون وجهه في العربية التي نزل بها القرآن شائعا.
وذهب أبو الفرج الشنبوذي إلى تأييد رأي الكواشي في التساهل والاكتفاء بموافقة القراءة لأي وجه من الوجوه اللغوية، سواء أكان الوجه فصيحا مجمعا عليه أم كان مختلفا فيه اختلافا لا يضير مثله كما يقولون.
نظرة في الأركان:
لو تأملنا هذه الأركان لوجدناها أركانا تخضع لاستقراء العلماء واستنباطهم، فمنهم من جعلها ركنا واحدا، ومنهم من جعلها ركنين، مع اختلاف في تحديد الركنين، ومنهم من جعلها ثلاثة أركان وأضاف الموافقة للغة، وفي كل شرط خلاف، ففي السند: من العلماء من ذهب إلى اشتراط التواتر، ومنهم من اشتراط الشهرة، ومنهم من اكتفى بصحة السند ولو نقل آحادا.
وفي موافقة الرسم: منهم من اشتراط الموافقة تحقيقا، ومنهم من قبلها ولو تقديرا أو احتمالا، وفي موافقة اللغة كلام استوفيناه في موضعه.


الصفحة التالية
Icon