«يا عبادي: إنّي حرّمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرّما فلا تظالموا.
يا عبادي: كلّكم ضالّ إلا من هديته فاستهدوني أهدكم.
يا عبادي: كلّكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم.
يا عبادي: كلكم عار إلّا من كسوته، فاستكسوني أكسكم.
يا عبادي: إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعا فاستغفروني أغفر لكم.
يا عبادي: إنكم لن تبلغوا ضرّي فتضرّوني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني.
يا عبادي: إنما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفّيكم إيّاها فمن وجد خيرا فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومنّ إلّا نفسه»
رواه مسلم (١).
ومثل قول النبي صلّى الله عليه وسلّم فيما يرويه عن ربه: «أنا عند ظن عبدي بي، فإذا ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي، وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير من ملئه» (٢).
والمتأمل في نصوص الأحاديث القدسيّة، يلاحظ وحدة الأسلوب بينها وبين الأحاديث النبويّة، فكلها قد وقع بلفظ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم، سواء أكان الحديث نبويّا أم قدسيّا فكلاهما في مرتبة واحدة، وإن كان الحديث القدسيّ منسوبا إلى الذات العلية (٣).
وأن هذه النسبة أيضا لا تجعله في مرتبة القرآن، بل إن بينهما فروقا نوجزها فيما يلي:
١ - أن القرآن الكريم- لفظا ومعنى- من الله عز وجل، أما الحديث القدسيّ فهو كالحديث النبويّ، حتى أجاز العلماء روايته بالمعنى، بخلاف القرآن، لأن روايته بالمعنى تحريف وتبديل له.

(١) صحيح مسلم. كتاب البر والصلة والآداب. باب تحريم الظلم ٣/ ١٩٩٤ ح (٢٥٧٧) (٥٥).
(٢) صحيح البخاري. كتاب التوحيد. باب قوله تعالى: يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ [الفتح: ١٥] ح (٧٥٠٥)، صحيح مسلم كتاب التوبة، باب في الحض على التوبة والفرح بها ٣/ ٢١٠٢ ح (٢٦٧٥) (١)، سنن الترمذي. كتاب الدعوات ٥/ ٥٨١ ح (٣٦٠٣).
(٣) يطلق بعض العلماء على الأحاديث القدسية الأحاديث الإلهية أو الربانية والكل معزوّ إلى الله أو إلى الربّ عزّ وجلّ.


الصفحة التالية
Icon