نوضح هذا بمثال من سورة الفاتحة بقوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة: ٤].
فقد ورد تفسيرها في سورة الانفطار: يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ ١٥ وَما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ ١٦ وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ١٧ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ١٨ يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار: ١٥ - ١٩].
فالله هو مالك يوم الدين، الذي لا يملك فيه أحد شيئا، لأن الأمر كله إليه.
وفي سورة الفاتحة أيضا: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ ٦ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة: ٦ - ٧].
وجدنا تفسير صراط الذين أنعم الله عليهم من القرآن نفسه، وذلك في سورة النساء: وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ.. [النساء: ٦٩] (١).
ويقع في الخطأ والغلط من يفسر الآية القرآنية بمدلولها المتبادر إلى الذهن لأول وهلة، دون تأمل وتدبر لمعانيها في القرآن الكريم.
انظر إلى من فسر قوله تعالى في سورة الصافات: احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْواجَهُمْ..
[الصافات: ٢٢]. فقال: احشروا الظالمين وزوجاتهم، أي رجالا ونساء.
فلو تدبر الألفاظ القرآنية في كلمة الزوج لوجدها قد استعملت في معان ثلاثة (٢).
- فالأزواج بمعنى الحلائل للرجل وامرأته، فذلك كقوله تعالى: وَلَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيها خالِدُونَ [البقرة: ٢٥]. يعني بالأزواج: الحلائل في الآخرة، أما الأزواج بمعنى امرأة الرجل فقوله تعالى: وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ..
[النساء: ١٢]، أي: زوجاتكم في الدنيا بعد موتهن.
- والأزواج بمعنى الأصناف فذلك كقوله تعالى: سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ.. [يس: ٣٦]، أي: الأصناف من كل صنف من النبت.

(١) وهذا التفسير لابن عباس والجمهور، انظر «تفسير أبي حيان» ١/ ٢٨.
(٢) الوجوه والنظائر في القرآن الكريم- دراسة وموازنة، ص ٣٥١.


الصفحة التالية
Icon