قال البخاري: لا يتابع في حديثه. ولقد أورد الطبري هذا الحديث ثم تولى بنفسه بيان فساده حيث قال: إنه ممن لا يعرف في أهل الآثار. من أجل ذلك ضربنا صفحا عن ذكر أدلة القائلين بأن النبي صلّى الله عليه وسلّم لم يفسر من القرآن إلا آيات تعد. بل على حد زعمهم آيات تعد على أصابع اليد الواحدة.
بذلك يبقى القول أن النبي صلّى الله عليه وسلّم قد فسر من القرآن الشيء القليل، إلى الحد الذي اعترف به شيخ الإسلام ابن تيمية نفسه بذلك، ونقله عن أحد أفذاذ أئمة السنة ومبرزي أعلامها رواية ودراية، أعني إمام السنة أحمد بن حنبل، إذ يقول شيخ الإسلام في مقدمته في أصول التفسير: (ومعلوم أن المنقول في التفسير أكثره كالمنقول في المغازي والملاحم، ولهذا قال الإمام أحمد: «ثلاثة أمور ليس لها إسناد: التفسير والملاحم والمغازي» ويروي «ليس لها أصل» أي: إسناد؛ لأن الغالب عليها المراسيل» اهـ. (١)
قال شمس الدين الخويني رحمه الله: (وأما القرآن فتفسيره على وجه القطع لا يعلم إلا بأن يسمع من الرسول صلّى الله عليه وسلّم، وذلك متعذر إلا في آيات قلائل.. ) إلخ.
ومما يؤيد هذا الرأي: أن المطلع على كتب التفسير بالمأثور، يستطيع أن يرى بيسر وسهولة أن آراء المتحدثين في التفسير من الصحابة تتعدد، وقد تختلف إلى حد التنافر، وعدم إمكان الجمع بينها أصلا، وقل مثل هذا إن لم يكن أكثر منه بالنسبة لآراء التابعين في التفسير، ولا يصح في عقل عاقل أن يقع مثل هذا الاختلاف من الصحابة، ثم من التابعين لو جاء البيان من قبله صلّى الله عليه وسلّم لجميع التنزيل جملة وتفصيلا.
ثمّ إنه لو كان بيان من قبله صلّى الله عليه وسلّم لجميع القرآن أو أكثره؛ لكان حفظة العلم وحملة الشريعة من أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم، أحرص الناس على نقله لمن بعدهم من التابعين، ولكان لهؤلاء التابعين أيضا مثل هذا الحرص على نقله إلى من بعدهم من أتباع التابعين، وهلم جرا حتى ينقله إلينا ثقاة الحفاظ الجامعين لعلم السنة
رواية ودراية، فإن هذا