فمثلا معجزة حمل مريم بعيسى عليه السلام ليس لها تفسير علمي، بناء على سنن الحمل والولادة، ولكن هناك من تعسف في تفسير هذه المعجزة، وراح يفسرها تفسيرا علميا حسب زعمه، فقال: إن مريم خنثى، والخنثى له مبيض في جهة، وخصية في الجهة الثانية!! (١).
ولا يدري القارئ مع هذا التفسير العجيب، كيف تكون مريم وابنها آية للعالمين؟ وما معنى قوله تعالى: إِنَّ مَثَلَ عِيسى عِنْدَ اللَّهِ كَمَثَلِ آدَمَ [آل عمران: ٥٩] الآيات الدالة على المعجزة و «الاستثناء» في حمله وولادته.
ومثل هذا، أو قريب منه من تحدث عن الكهرباء، وكيف يصعق التيار الكهربائي الأحياء... في سياق شرحه لقوله تعالى: فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ مُوسى صَعِقاً.. [الأعراف: ١٤٣].
ويضيف طنطاوي جوهري حديثا عن معجزة موسى التي نصّت عليها الآية الكريمة وَإِذِ اسْتَسْقى مُوسى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً [البقرة: ٦٠].
قال: إن الله اختار الحجر ليضربه موسى بعصاه دون غيره ليلفت العقول إلى بدائع خلقه ومعجزاته في الكون، فالحرارة تحول الماء بخارا، والبرد يجمّده وهو بين الصخور فيصدعها.
ثم يمضي في تفسيره للآية ١٢ من سورة سبأ وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ غُدُوُّها شَهْرٌ وَرَواحُها شَهْرٌ وَأَسَلْنا لَهُ عَيْنَ الْقِطْرِ وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ [سبأ: ١٢].
يقول طنطاوي في تفسيرها: إن سليمان- عليه السلام- كان له سفر هوائي منظم!! ومن ذلك يتضح أن اختراع الطائرات في هذا العصر قد سبق إليه العصر السليماني، وهذا من معجزات القرآن (٢).

(١) الدكتور محمد توفيق صدقي: دروس في سنن الكائنات ١/ ١٥ ط ١ في مجلة المنار بمصر سنة ١٣٣٣ هـ.
(٢) تفسير الجواهر ١/ ٧٠.


الصفحة التالية
Icon