ومن العجيب حقا هذا القلب للحقائق تحت عنوان التفسير العلمي، أو في سبيل حض المسلمين على الأخذ بأسباب التقدم العلمي.
٣ - ومن أصول التفسير المسلّمة أنه لا يجوز تفسير القرآن باصطلاح حادث بعد نزوله؛ لأننا لو فعلنا ذلك لعدنا على معاني القرآن بالتحوير والتبديل، أو بالإبطال والإلغاء؛ فالملائكة المسوّمون الذين قاتلوا مع النبي صلّى الله عليه وسلم يوم بدر لا صلة لهم «بالجنود الذين يهبطون بوساطة الطائرات في الحروب الحالية»، والغواصات التي عمّ استعمالها في جميع البحار لم تكن مستعملة في عصر سليمان عليه السلام، على خلاف (١) من استنتج ذلك من قوله تعالى: وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ [ص: ٣٧] وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ [الأنبياء: ٨٢] الآية.
فلا تكفي كلمة «غواص» أو «يغوصون» في سياق الحديث عن الشياطين!! للزعم بأن الغواصات التي عرفتها الحروب الحديثة كانت معروفة في عصر سليمان! وكأن عالم الشياطين- بوصفه من عالم الغيب- لا معنى له أو لا وجود له في القرآن! وكأن عصر سليمان- على عكس ما يدل عليه التاريخ- عرف هذا التقدم العلمي والسبق في ميدان الاختراع.
وأخيرا تحسن الإشارة إلى أن من أبرز الباحثين المعاصرين الذين يسارعون إلى أخذ الآية القرآنية شاهدا على صحة «نظرية» من النظريات العلمية، أو يحاولون تفسير الآية بنظرية من النظريات: عبد الرزاق نوفل، الذي كتب كثيرا من الأعاجيب، ومصطفى محمود في كتابه السقيم: «القرآن محاولة لفهم عصري»، والدكتور جمال الدين الفندي في كتابه «الله والكون» الذي ردّ فيه كثيرا من الأحاديث! ووقع في كثير من المجاز وضروب التأويل. والله تعالى أعلم (٢).
(٢) هذا البحث الإعجاز العلمي من كتاب علوم القرآن للأستاذ الدكتور عدنان زرزور ونقلناه بتصرف يسير.